خاص ، وحكومة محلية ، ولغة رسمية ، هي العربية. وكان مركز القحطانية في إستنبول ، ولها فروع في مدن عربية أخرى. لكن نشاط هذه الجمعية السرية انكشف للسلطات. فسارعت قيادتها إلى حلها ، تداركا للتنكيل التركي بأعضائها.
ونظرا إلى سياسة القمع التركية ، فقد أسس بعض أعضاء المنتدى الأدبي ، الذين سافروا إلى فرنسا لطلب العلم ، جمعية العربية الفتاة في باريس (١٩١١ م) ، التي أدّت دورا كبيرا في تبلور الحركة القومية العربية. واستشهد الكثيرون من أعضائها خلال الحرب العالمية الأولى ، بينما تولى الناجون من سيف الجلادين الأتراك مناصب سياسية مهمة في الوطن العربي لاحقا ، مثل جميل مردم وعوني عبد الهادي. وفي فرنسا ، بعيدا عن الاعتبارات المحلية واليومية ، تبلور موقف القوميين العرب ، واستقرّ على ضرورة الاستقلال عن الحكم التركي ، أو الأجنبي الأوروبي. وكانت العربية الفتاة منظمة سرية للغاية ، تضم ثلاث مراتب تنظيمية : القيادة والأعضاء العاملون والمرشحون. ومنذ سنة ١٩١٣ م ، ازداد نشاط الجمعية ، وبادرت بالدعوة إلى توحيد نشاط كافة الأحزاب والمنظمات العربية الوطنية. وبتضافر جهودها مع حزب اللامركزية عقد المؤتمر العربي الأول ، في باريس في ٤ نيسان / أبريل ١٩١٣ م. وقد رعت حكومة فرنسا المؤتمر ، فوفرت له المكان ، وكذلك نشر المقررات. ومن أعضاء الجمعية البارزين : جميل مردم ومحمد المحمصاني وعوني عبد الهادي ورستم حيدر وتوفيق الناطور ورفيق التميمي وعبد الغني العريسي. وكان هؤلاء جميعا من الطلاب الدارسين في فرنسا ، والمؤسسين للجمعية.
والقمع الذي مارسته حكومة تركيا الفتاة لم يوفر لها النجاح ، لا في الداخل ولا في الخارج. وقد أدّت سياستها إلى المزيد من تقويض دعائم السلطنة العثمانية ، إذ فشلت في الحرب مع إيطاليا (١٩١١ ـ ١٩١٢ م) ، وكذلك في البلقان (١٩١٢ ـ ١٩١٣ م). وداخليا ، وقعت بين مطرقة اليسار ـ الحركات الثورية ـ وسندان اليمين ـ حزب اللامركزية (الائتلاف والحرية). وكان هذا الحزب يعكس مصالح الأوساط الإقطاعية والكومبرادورية. وعلى العكس من حكومة تركيا الفتاة ، التي مالت نحو ألمانيا ، اتجه هذا الحزب نحو «الحلفاء» (فرنسا وبريطانيا) ودعا إلى اللامركزية كحل للقضية القومية ، ورفع شعار الاستقلال الذاتي للشعوب على أراضيها ، ضمن إطار الإمبراطورية العثمانية. واستطاع الائتلافيون الإطاحة بحكومة تركيا الفتاة بانقلاب (١٩١٢ م) ، وتولوا الحكم. لكنهم فشلوا في حل مشكلات تركيا المستعصية ، فعادت تركيا الفتاة إلى السلطة بانقلاب مضاد (١٩١٣ م) ، وبقيادة ثلاثي الباشوات المنحاز كليا لألمانيا ـ أنور وطلعت وجمال. وهذا الثلاثي هو الذي أدخل تركيا الحرب