الصهيونية. فكتب إسعاف النشاشيبي (١٩١١ م) كتاب «الساحر واليهودي» ، ومعروف الأرناؤوط كتاب «فتاة صهيون». ووضع محمد روحي الخالدي (١٩١١ م) مخطوطة كتاب «تاريخ الصهيونية» ، أوضح فيه أن الهدف الصهيوني هو إقامة دولة يهودية في فلسطين. وميّز الخالدي الصهيونية من اليهودية ، ونبّه إلى مخاطر نشاط المستوطنين في فلسطين. وشنت الصحف التي تأسست في فلسطين في تلك الفترة حملة على النشاط الصهيوني ، فكشفت مخططاته ، ودعت الناس إلى الوقوف في وجهه. وبذلك عمقت الوعي العربي بهذه المؤامرة الدولية ، وبأبعادها الخطرة على حاضر الأمة العربية ومستقبلها. وطالبت الصحف الحكومة العثمانية بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين ، وتشديد الرقابة على بيع الأراضي. وقد تعرضت تلك الصحف مرارا للإغلاق بأوامر السلطة العثمانية ، عقابا لها على نشر مقالات معادية للصهيونية وتنتقد سياسة الحكومة إزاء مخططاتها ونشاطاتها.
وبعد ثورة تركيا الفتاة ، تأسست في فلسطين أربع صحف ، جعلت التصدي للمشروع الصهيوني محور اهتمامها. وبذلك ساهمت هذه الصحف في تعزيز خصوصية الحركة الوطنية الفلسطينية ، ضمن إطارها القومي ، إذ راح البعد الصهيوني يحتل موقعا رئيسيا في مضمونها السياسي والنضالي. ففي سنة ١٩٠٨ م أسس حنا عبد الله العيسى صحيفة «الأصمعي» ، ونجيب نصار صحيفة «الكرمل». وفي سنة ١٩١٢ أسس سعيد جار الله صحيفة «المنادي» ، وعيسى العيسى صحيفة «فلسطين» ، التي تولى تحريرها يوسف العيسى. وقد تميّزت صحيفة «الكرمل» ، التي صدرت في حيفا ، بحمل لواء المقاومة العربية للصهيونية. وقدم مؤسسها نجيب نصار ، اللبناني الأصل (١٨٦٥ ـ ١٩٤٨ م) مساهمة نوعية في نشر الوعي عن الصهيونية ، والتعريف بنشاطاتها. فأكد عنصريتها ، وكشف الزيف في طروحاتها ، وركز على التعريف بمؤسساتها ، وأساليب عملها ، بالاستناد إلى «الموسوعة اليهودية». وكرس صحيفته للتصدي للمشروع الصهيوني بأبعاده كلها ـ الفكرية والسياسية والعملية. وطالب الحكومة بوقف الهجرة إلى فلسطين ومنع بيع الأراضي للحركة الصهيونية. وبنشاطه مع الصحف الأخرى ، أجبر الحكومة على التراجع عن بيع أراضي «الجفتلك» (الأميرية) في غور بيسان وأريحا (١٩١٣ م). وقد تعرض للمطاردة والاعتقال من قبل السلطات العثمانية ، والبريطانية لاحقا.
وكذلك ، قامت جريدة «فلسطين» بدور كبير في مقاومة الصهيونية والاحتجاج على نشاطها في فلسطين ، راح يتصاعد مع تصاعد وتيرة الهجرة اليهودية الثانية إليها ، قبل الحرب العالمية الأولى. ونظرا إلى تأثير تلك الصحف في الرأي العام ،