يهودي فيه ، فرفض الوالي الطلب. لكن مونتفيوري قام خلال الأربعينات والخمسينات من القرن التاسع عشر بزيارات متكررة لفلسطين وإستنبول للغرض نفسه. وقد نجح في بناء حي مونتفيوري في القدس ، أسكن فيه عددا من العائلات اليهودية التي كانت تقيم داخل أسوار ميئا شعاريم.
وقد صدر هذا الوعد الذي شكّل محطة رئيسية في تاريخ الاستيطان الصهيوني ، وبالتالي القضية الفلسطينية ، في سياق الحرب العالمية الأولى ، بأسبابها وأهدافها ، وعندما بانت نتائجها ، وبالانسجام مع المخططات البريطانية إزاء المنطقة. وكان نصّ الرسالة كما يلي :
وزارة الخارجية
٢ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩١٧ م
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية ، وقد عرض على الوزارة وأقرته.
«إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ، ولا بالحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلاد الأخرى.»
وسأكون شاكرا لو تكرمتم بإحاطة الاتحاد الصهيوني علما بهذا التصريح.
المخلص
آرثر جيمس بلفور
وفلسطين ، بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي ، راحت خلال القرن التاسع عشر تكتسب أهمية متزايدة ، بعد فترة طويلة من التهميش. فالعوامل التي تسببت باحتدام المسألة الشرقية ، أدّت بطبيعة الحال إلى تركيز اهتمام الأطراف المنخرطة في هذا الصراع على فلسطين. وقد أشعلت حملة نابليون على مصر الضوء الأحمر لدى دول أوروبا ، وخصوصا بريطانيا ، التي كانت طرق مواصلاتها إلى الهند شريان الحياة بالنسبة إليها. وجاءت حملة محمد علي لتركز الأضواء على فلسطين ، وبعد انسحابه ، لتحرك موجة من تهافت دول أوروبا على فتح قنصليات لها في القدس ، والبحث عن طوائف دينية تضعها تحت حمايتها ، كذريعة للحصول على موطىء قدم سياسي لها في