مكماهون ، واقترح في رسالة بتاريخ ١٤ تموز / يوليو ١٩١٥ م التعاون بين العرب وإنكلترا على أساس بروتوكول دمشق. وبعد رفض أولي لشروط الشريف ، عاد مكماهون وبعث إليه برسالة في ٢٤ تشرين الأول / أكتوبر ١٩١٥ م ، صارت تعرف ب «اتفاقية مكماهون ـ الحسين». وقد اضطرت الحكومة البريطانية إلى الاستجابة ، ولو الجزئية ، لمطالب الشريف تحت ضغط الأوضاع على جبهات القتال. وتعهد المندوب السامي البريطاني في القاهرة ، باسم حكومته ، بالاعتراف باستقلال الدولة العربية ، تحت «العرش الهاشمي». إلّا إن هذا التعهد تضمن تعديلات أساسية على الحدود الواردة في بروتوكول دمشق. ففضلا عن المحميات البريطانية في جنوب الجزيرة العربية ، استثنيت الأراضي الواقعة غرب أقضية حلب وحماة وحمص ودمشق ، (الأراضي التي ادّعت عليها فرنسا). وبينما تكون ولايتا البصرة وبغداد ضمن الدولة العربية ، إلّا إنهما تبقيان تحت الإدارة الإنكليزية ، وطلبت بريطانيا حقا استثنائيا بإرسال مستشارين إلى الدولة العربية ، وكذلك «حمايتها» من هجوم خارجي.
ومع أن رسالة مكماهون لم ترض الشريف حسين ، لكنه إزاء تطور الأحداث اضطر إلى التنازل عن بعض مطالبه. وإذ كانت بريطانيا تواجه صعوبات على ساحة القتال ، وبالتالي بحاجة إلى التوصل إلى تفاهم مع العرب وكسبهم إلى جانبها ، فإن وضع الشريف حسين راح يتأزم. فقد رفض العثمانيون الاعتراف به حاكما مستقلا وراثيا في الحجاز ، كما رفضوا طلبه العفو العام عن القوميين العرب. وعلى العكس ، اتخذت المحكمة العسكرية التركية سلسلة متوالية من الحكم بالإعدام على شخصيات وطنية في نيسان / أبريل ١٩١٦ م. وبدا من الإجراءات أن دور الشريف نفسه قد جاء ، إذ أعدت الحكومة إمدادات لإرسالها إلى الحجاز ، يرافقها شريف آخر غير الحسين. فاضطر هذا الأخير إلى إعلان الثورة ، للحصول على المال والسلاح من بريطانيا (٥ حزيران / يونيو ١٩١٦ م). وعيّن الحسين أبناءه الأربعة قادة للفصائل العربية من المقاتلين ، وهم : علي وعبد الله وفيصل وزيد. واستطاع ، خلال فترة قصيرة ، مباغتة الحاميات التركية في مدن الحجاز ونجد ، وعزل الحاميات الموجودة في اليمن. لكن الأتراك استعادوا زمام المبادرة ، وصدّوا المقاتلين البدو ، فلجأ هؤلاء إلى حرب العصابات ، الأمر الذي اضطر الأتراك إلى الانسحاب من الجزيرة العربية.
وبعد إعلان الثورة ، سارع الشريف حسين إلى إعلان استقلال العرب في ٢٧ حزيران / يونيو ١٩١٦. وفي ٢ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩١٦ م ، دعا بعض الزعماء العرب إلى اجتماع ، حيث بويع ملكا على العرب ، وأقام حكومة ضمت ابنيه ، علي ، رئيسا للحكومة ، وعبد الله ، وزيرا للخارجية. وسارعت بريطانيا وفرنسا إلى إعلان