ولسون ، قبل صدوره ، فنال موافقته السرية ، التي لم يلبث أن أتبعها بأخرى علنية بعد الصدور ، مع التأكيد على دعم حكومته لما ورد فيه. وكذلك فعل وزير خارجية فرنسا (١٤ شباط / فبراير ١٩١٨ م) وسفير إيطاليا في لندن (٩ أيار / مايو ١٩١٨ م) ، نيابة عن حكومتيهما. وقبل سقوطها ، أخبرت الحكومة الموقتة في روسيا زعماء الصهيونية هناك ، أنها تؤيد وعد بلفور ، كما أعلمت بموقفها هذا حكومة بريطانيا. وكذلك فعلت الصين واليابان واليونان وسيام. في المقابل ، قامت حكومتا ألمانيا وتركيا بإجراء اتصالات مع مبعوثين عن الحركة الصهيونية ، وأجرتا مفاوضات معهم بشأن مستقبل فلسطين. لكن حاييم وايزمن ، وبمساندة براندايس ، قد حسم الموقف لمصلحة الحلفاء.
وفي الواقع ، فإن وايزمن وبراندايس كانا يعملان في أجواء ملائمة. فسنة ١٩١٦ م حملت الكوارث على الحلفاء في الحرب ، إذ إنه إضافة إلى الهزائم التي لحقت بجيوشهم ، نضبت مواردهم المالية ، بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدوها نتيجة نشاط الغواصات الألمانية ، وبالتالي إغراق عدد من السفن المحملة بالبضائع المستوردة من الولايات المتحدة وغيرها ، عن طريق الشركة المالية ـ مورغان ـ التابعة لمجموعة روتشيلد. وفي هذا الجوّ الملبّد بغيوم الهزيمة على الحلفاء ، أصبح الأمل بالخروج من المأزق معلقا على دخول الولايات المتحدة الحرب ، وبالتالي قلب موازين القوى. ولكن الأمل بذلك كان ضئيلا ، وخصوصا أن الرئيس الأميركي ولسون ، كان لتوه قد كسب معركة الرئاسة الانتخابية على أساس إبقاء الولايات المتحدة خارج الحرب. وكانت محاولات المعسكرين المتحاربين لجر أميركا ، كل إلى الموقف الذي يرغبه ، قد باءت بالفشل ، وظلت على الحياد. ومن هنا تبرز أهمية الدور الصهيوني ، الذي كان قد حسم موقفه إلى جانب الحلفاء بعد إخفاق ألمانيا في إقناع تركيا بالاستجابة للمطالب الصهيونية ، بترجيح الكفة في واشنطن لمصلحة قرار دخول الحرب إلى جانب الحلفاء. وقد أدّى لويس براندايس دورا أساسيا في إقناع الرئيس ولسون بذلك ، مستندا إلى مجموعات الضغط السياسي والاقتصادي ، الخاضعة للتأثير الصهيوني. وبذلك أصبح الطريق مفتوحا أمام استصدار وعد بلفور من قبل حكومة بريطانيا ، وبتأييد قوي من الإدارة الأميركية.
وبعد تهيئة الأرضية لدخول أميركا الحرب ، جاءت الذريعة في آذار / مارس ١٩١٧ م ، حين أغرقت الغواصات الألمانية عددا من السفن التجارية الأميركية ، التي كانت تحمل البضائع إلى الحلفاء. وفي ٦ نيسان / أبريل ١٩١٧ م ، أعلنت الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا ، من دون تركيا. فما لبثت بريطانيا أن أصدرت بيانا بشأن