الصهيوني حتى نهاية الحرب الأولى ، وقال : «لقد تم إنجاز العمل العظيم الذي بدأه هيرتسل في سان ريمو ، وتكللت الجهود الرامية إلى الحصول على اعتراف بالوطن اليهودي في فلسطين ... بالنجاح.» (١) وتلاه ناحوم سوكولوف ، الذي أعلن وسط حماسة الحاضرين ، «أن صفحة السياسة قد انطوت عمليا وبدأت صفحة جديدة الآن هي صفحة تحقيق أمانينا. فالصفحة الأولى لم نكتبها نحن بل أولئك الذين كان بيدهم زمام الأمر لفتح أبواب البلد أمّا الصفحة التالية فلن يكتبها أحد سوانا.» (٢) وكان هذا المؤتمر معلما بارزا في العمل الصهيوني ، سواء لناحية تبلور فكرة المشروع ، أو المضمون السياسي له ، أو الصيغ التنظيمية التي يتجسد من خلالها ، في فلسطين والخارج.
وطرحت في المؤتمر فكرة تنصيب براندايس رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية ، لكنه اعتذر ، مشددا أنه يستطيع خدمة المشروع الصهيوني من موقعه في المؤسسة الأميركية أكثر. ولذلك استبدلت الفكرة بانتخابه رئيسا فخريا ، وقبل المنصب ، إلّا إنه عاد وتراجع بعد يومين من المداولات الساخنة بين قادة العمل الصهيوني. وأكد براندايس علنا أنه لا يستطيع بعد أن يتحمل مسؤولية في المنظمة الصهيونية العالمية ، بسبب الأساليب الملتوية التي يعتمدها وايزمن. والواضح أن خلافا اندلع بين الاثنين بشأن طبيعة الاستيطان الصهيوني في فلسطين ، والصيغة التي يجب أن يأخذها ، وشكل ارتباطه باليهود في العالم ، وتحديدا دور رأس المال اليهودي الأميركي ، الذي لم يعتنق أصحابه الصهيونية عقيدة ، لاعتبارات موقعهم في المؤسسة الاقتصادية الأميركية. وقد تمحور الخلاف بين براندايس ومؤيديه ، من جهة ، وبين وايزمن وأنصاره ، من جهة أخرى ، بشأن طبيعة الصندوق التأسيسي (كيرن هيسود) ، الذي تقررت إقامته في هذا المؤتمر ، ليكون الذراع المالية للمنظمة الصهيونية العالمية.
وكان الخلاف بين براندايس ووايزمن يعبر عن وجهتي نظر متباينتين بشأن طبيعة العلاقة بين الاستيطان الصهيوني في فلسطين ويهود العالم ، من جهة ، وبينه وبين المراكز الإمبريالية ، من جهة أخرى. ومن هنا ، دار جدل بشأن طبيعة الصندوق التأسيسي ، ومقدار تركيز نشاطاته في فلسطين ، والعلاقة التي يجب أن تقوم بين الصندوق والمنظمة الصهيونية. وأصرّت مجموعة وايزمن على الطابع «القومي» للصندوق ، وبالتالي وضعه تحت سلطة المنظمة الصهيونية العالمية. في المقابل ،
__________________
(١٨) «القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني» ، مصدر سبق ذكره ، ص ٧٦ ـ ٧٧.
(١٩) المصدر نفسه ، ص ٧٧.