وقبل بالمشروع ، معلّلا ذلك بقوله : «إننا لا نستطيع التراجع الآن. وإذا فعلنا ذلك فإن الفرنسيين سيحلون محلنا ، وعندها يصبحون على أعتاب مصر ، وعلى أطراف القناة. وعدا ذلك ، ففلسطين تحتاج إلى الموانىء والكهرباء ، ويهود أميركا أغنياء ، ويمكنهم دعم هذا التطوير. علينا أن نكون منصفين للعرب وحازمين معهم ، من دون إظهار انحياز إلى الصهيونية يثير الشكوك بسوء النية لدينا.» ولدى مناقشة الموضوع في مجلس اللوردات ، رفض بأغلبية ٦٠ صوتا في مقابل ٢٩ صوتا ، لكن قرار اللوردات هزم في مجلس العموم ، إذ طرحه تشرشل وتولى الدفاع عنه ، معتبرا أن التصويت عليه هو تصويت على الثقة بالحكومة ، فحصل على الأغلبية. وأصبح قرار الحكومة سياسية رسمية معتمدة. (١)
وفي النقاش مع الحكومة البريطانية بشأن تشكيل هيئات تمثيلية ، وافق وايزمن على التقدم البطيء في هذا المجال ، في مقابل الإجراءات التالية : ١) فصل فلسطين عن «قيادة الشرق الأوسط» في القاهرة ؛ ٢) إبعاد جميع الموظفين غير المتعاطفين مع الصهيونية من حكومة الانتداب ؛ ٣) منح امتياز توليد الكهرباء إلى بنحاس روتنبرغ فورا ؛ ٤) معاقبة القرى التي هاجمت المستعمرات اليهودية بصورة تأديبية رادعة ؛ ٥) منح المنظمة الصهيونية حق الإشراف على تأشيرات الهجرة اليهودية. (٢) وفي أثناء مناقشة مسألة الانتداب في الحكومة ، تكلم تشرشل ، من دون إظهار ميول شخصية ، وورد في كلامه ما يلي : «إن الحالة في فلسطين تسبب لي الارتباك والقلق ، فالبلاد بكاملها في حالة من الغليان ، ولا تلقى السياسة الصهيونية قبولا لدى أحد غير الصهيونيين أنفسهم. إن كلا من الجانبين ـ العربي واليهودي ـ مسلح وماض في التسلح ، ومستعد للانقضاض على الجانب الآخر ... ولقد رفضنا حتى الآن ، لمصلحة السياسة الصهيونية ، منح العرب أية مؤسسة انتخابية. ومن الطبيعي أن يقارنوا معاملتهم هذه بتلك التي يلقاها إخوانهم في العراق. هذا بينما الدكتور وايزمن والصهيونيون غير راضين أبدا عن التقدم الذي حدث ... وعما يدعونه من ضعف السير هربرت سامويل ... ويبدو لي أنه لا بدّ من أن يقوم مجلس الوزراء بمراجعة الحالة برمتها ... إنني أبذل قصارى جهدي لتنفيذ وعد بلفور ... وأنا مستعد للاستمرار في هذا الخط ، إذا كان هذا هو قرار الوزارة الثابت.» (٣)
__________________
(٢٦) Michael J. Cohen, Palestine to Israel, From Mandate to Independence) London, ٨٨٩١ (, pp. ٣١ ـ ٥١.
(٢٧) Ibid.,p.٣١.
(٢٨) Ibid.