الحكومة البريطانية جمع المعلومات اللازمة عن أحداث فلسطين ، حتى آذار / مارس ١٩٣٠ م ، بهدف عقد جلسة استثنائية للجنة الانتداب التابعة لها ، تدرس أسباب الاضطرابات ، والإجراءات الواجب اتخاذها لمنع تكرارها.
وإزاء الضجة التي أثارتها الوكالة اليهودية على أحداث سنة ١٩٢٩ ، وسلوك حكومة الانتداب فيها ، عينت الحكومة البريطانية لجنة للتحقيق في أسبابها ووقائعها. وترأس اللجنة القاضي ، سير والتر شو ، فعرفت باسمه ، واشترك معه ثلاثة أعضاء من مجلس العموم البريطاني ، يمثلون الأحزاب الثلاثة فيه (١٣ أيلول / سبتمبر ١٩٢٩ م). وكان المندوب السامي ، تشانسلر ، اعترف في تقاريره إلى وزارة المستعمرات (تشرين الأول / أكتوبر ١٩٢٩ م) ، بأن الحالة لم تهدأ ، وبأن السكان العرب يقتربون من حافة اليأس بسبب تجاهل الحكومة مطالبهم ، وحالة التململ تعم جميع طبقات الشعب. وعزا تشانسلر ذلك إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها العرب ، وخصوصا مع تفاقم المشكلة الناجمة عن انتقال المزيد من الأراضي إلى مؤسسات استيطانية صهيونية. ومعلوم أن هذه الأراضي كانت من أملاك الدولة ، أو تخصّ ملاكين غائبين ، منهم من يقيم خارج فلسطين ، وعند بيعها يطرد الفلاحون منها ، فيصبحون من دون مورد رزق ، وبالتالي عامل تفجير للاضطرابات.
وزاد في قلق حكومة الانتداب انتقال حالة الهيجان الشعبي إلى الأقطار العربية المجاورة ، وتهريب الأسلحة إلى فلسطين ، واستعداد المتطوعين للانضمام إلى أية ثورة محتملة هناك. وتفيد التقارير الأمنية للحكومة عن تشكيل عصابات مسلحة في المدن والريف ، هدفها مهاجمة الموظفين ـ اليهود والبريطانيين ـ في نواحي عكا وحيفا ونابلس ، فضلا عن المطاردين في منطقة صفد. ومع استمرار التوتر ، ظلت إدارة تشانسلر متشبثة بسياستها القمعية وفرض العقوبات الجماعية لتشمل البلاد كلها. ودعت اللجنة التنفيذية إلى الاجتماع العربي العام (تشرين الأول / أكتوبر ١٩٢٩ م) ، وحضره فضلا عن زعماء محليين ، شيوخ البدو من جميع أنحاء فلسطين ، ومندوبون من سورية وشرق الأردن ولبنان. وأرسل المؤتمر برقية إلى وزير المستعمرات ، أعلن فيها «عدم ثقة الأمة» بالمندوب السامي ، بسبب سياسته المنحازة إلى اليهود ، وأقسم الأعضاء على منع بيع الأراضي للاستيطان ، ومقاطعة المصنوعات والمتاجر اليهودية ، وتنشيط الصناعة والتجارة العربية ، كما قرروا إعلان الإضراب العام لمناسبة وعد بلفور.
وباشرت لجنة شو عملها في أواخر تشرين الأول / أكتوبر ١٩٢٩ م ، فعقدت ٤٧ جلسة علنية ، و ١١ أخرى سرية ، واستمعت إلى ١١٠ شهود ـ موظفين حكوميين