الوثائق والأدلة ، قررت اللجنة أن حائط البراق ملك للوقف الإسلامي ، ويجب أن يبقى كذلك ، مع المحافظة على الوضع الذي كان قائما في السابق ، من إقامة الطقوس الدينية اليهودية عنده. وصدر في إثر ذلك قانون عن مجلس الملك الخاص ، يقضي بوضع توصيات لجنة البراق موضع التنفيذ ، ففعلت الحكومة ذلك. ويذكر أن لدى قدوم اللجنة إلى فلسطين ، توافد عليها رجالات من مصر وسورية ولبنان والعراق وجاوة والهند وإيران وتركيا ، لتقديم شهاداتهم وتدعيم موقف الفلسطينيين في مسألة البراق ، الذي كان جزءا من «وقف حيّ المغاربة» ، أوقفه الملك الأفضل ، ابن صلاح الدين الأيوبي ، على مدرسة «الأفضلية» ، التي أنشأها في ذلك الحي.
ومع أن أحداث سنة ١٩٢٩ عززت موقع القوى والشخصيات التي دعت إلى نبذ التفاوض غير المجدي مع بريطانيا ، واللجوء إلى استعمال العنف ضدها لضلوعها في المشروع الصهيوني ، فإن نشر تقرير لجنة شو شجع اللجنة التنفيذية على إرسال وفد إلى لندن ، لملاحقة القضية هناك عن كثب. ووصل الوفد في ٣٠ آذار / مارس ١٩٣٠ م ، وقدّم إلى حكومة رامزي مكدونالد مذكرة بوقف الهجرة اليهودية ، ومنع انتقال الأراضي من أيدي العرب ، كما طالبت بتأليف حكومة وطنية نيابية. لكن رئيس الحكومة ردّ على الوفد في بيان أمام مجلس العموم ، أكد فيه التزام حكومته نحو «الشعب اليهودي ونحو الجماعات غير اليهودية» ، وقال «إن حكومة جلالته لن تتأثر بالضغط والتهديد ، ولن تحيد عن الطريق المرسوم في صك الانتداب.» وبلّغت الحكومة الوفد أنها سترسل خبيرا إلى فلسطين لدراسة مسألتي الهجرة والأراضي. وقطع الوفد المفاوضات ، وأذاع بيانا أكد فيه اقتناعه باستمرار الحكومة في هضم حقوق العرب ، إكراما للسياسة الصهيونية ، «مما يؤدي إلى إبادتنا كأمة وإجلائنا عن ديارنا. وبما أن أهل البلاد العربية والإسلامية شركاء في فلسطين بات واجبا علينا أن نخطرهم بالحالة الخطيرة التي تهدد كيان بلادهم المقدسة وإخوانهم الساكنين فيها.» (١)
وبناء على توصية لجنة شو ، أوفدت الحكومة الخبير العالمي بمسائل الهجرة والإسكان ، سير جون هوب ـ سمبسون ، إلى فلسطين للتحقيق في أوضاعها على هذين الصعيدين (أيار / مايو ١٩٣٠ م). وأمضى سمبسون شهرين يطوف في القرى العربية والمستعمرات اليهودية ، وقدم تقريره إلى الحكومة (آب / أغسطس ١٩٣٠ م) ،
__________________
(٣٧) مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، «فلسطين : تاريخها وقضيتها» (المرحلة الثانوية) ، (نيقوسيا ـ قبرص ، ١٩٨٣) ، ص ٥٧.