ونشر مع الكتاب الأبيض الثاني ، الذي أصدره وزير المستعمرات ، اللورد باسفيلد ، (٢٠ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٣٠ م). وتقرير سمبسون هو وثيقة مهمة جدا ، لأنها تصف الأوضاع الاجتماعية والسياسية للفلسطينيين ، التي على أرضيتها نشبت ثورة البراق ، ومن بعدها الثورة العربية الكبرى (١٩٣٥ ـ ١٩٣٩ م). وكان سمبسون قد وصل إلى البلاد في فترة عصيبة ، إذ لم تكن العقوبات الجماعية توقفت ، وحالة البطالة والضيق الاقتصادي متفاقمة ، والأحكام العرفية مستمرة. وقد ترك إعدام الشهداء الثلاثة : عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي ، جوّا حزينا على البلاد كلها ، يوم «الثلاثاء الحمراء» (١٧ حزيران / يونيو ١٩٣٠ م) ، الذي تعالت فيه أصوات المؤذنين من الجوامع ، ودوّت أجراس الكنائس ، وعمت التظاهرات جميع أنحاء البلاد لدى إعلان الحكومة إصرارها على تنفيذ حكم الإعدام بهم.
وجاء في تقرير سمبسون ما يلي : «باستثناء منطقة بئر السبع ، فإن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة تبلغ ٠٠٠ ، ٥٤٤ ، ٦ دونم ، يملك منها اليهود مليون دونم ، أي أكثر من ١٤% ... وقد غدا أكثر من ٥٤ ، ٢٩% من العائلات العربية القروية دون أرض ، كما أن الأراضي الصالحة للزراعة لدى العرب لا تكفي لضمان معيشة السكان والمحافظة على مستواها. ونتيجة سياسة الحكومة في موضوع الأراضي ، اضطر قسم كبير من الفلاحين إلى أن يفقدوا عملهم وأرغموا على مغادرة أراضيهم.» (١) وعرض التقرير سياسة التهويد التي تتبعها المؤسسات الصهيونية الاستيطانية ، القائمة على مقاطعة العمل العربي ، الأمر الذي يتنافى مع صك الانتداب ، ويشكل خطرا دائما ومتزايدا على البلاد. وأوصى سمبسون بإلغاء هذه الشروط والقيود في عقود مؤسسات الاستيطان الصهيوني.
وأشار سمبسون إلى حرمان المزارع العربي من الامتيازات المتاحة لليهودي ، من رؤوس أموال وخبرات علمية ، وإلى أنه لم تقدم له المساعدة لتحسين زراعته ومستوى معيشته ، أسوة بالمزارع اليهودي. فهو يتزايد عددا وبسرعة ، في حين تتناقص الأراضي التي يعيش منها ، وهو يرزح تحت عبء الديون ، مثقلا بالضرائب ، ويتعذر عليه سدادها إلّا بمزيد من الاستدانة ، بفوائد لا تصدق. ونتيجة ذلك ، تدفق الفلاحون على المدن ، حيث تدنت الأجور ، وزادت البطالة لتشكل خطرا على حياة البلاد الاقتصادية. وقال : «إن واجب الإدارة الانتدابية أن تتأكد ألّا يلحق ضرر بالعرب من جرّاء الهجرة اليهودية ، وعليها أن تشجع اليهود على التجمع في الأراضي شريطة
__________________
(٣٨) «الموسوعة الفلسطينية» ، القسم الثاني ، المجلد الثاني ، مصدر سبق ذكره ، ص ١٠٢٥.