للحركة القومية العربية ، بعد انقطاع دام عشرة أعوام. وقد جاء في البيان الصادر عن الاجتماع بتاريخ ١٣ كانون الأول / ديسمبر ١٩٣١ م التأكيد على وحدة البلاد العربية ورفض التجزئة والعمل من أجل الاستقلال ورفض الاستعمار بجميع صوره. وقرر المجتمعون عقد مؤتمر موسع في بغداد ، برعاية الملك فيصل ، إلّا إن ذلك لم يتحقق بسبب اعتراض السفير البريطاني هناك. وفي ٤ كانون الثاني / يناير ١٩٣٢ م ، عقد مؤتمر الشباب العربي برئاسة راسم الخالدي ، تحت شعار توحيد صفوف الشباب لمكافحة الصهيونية والانتداب. وتبنى المؤتمر شعارات القوميين العرب في «ميثاق الشباب الوطني» الذي وضعه ، مشددا على التصدي لبيع الأراضي للمستوطنين. وفي البداية ظل مؤتمر الشباب العربي تنظيما رديفا للجنة التنفيذية ، لكنه تحوّل إلى حزب برئاسة يعقوب الغصين ، بعد موت موسى كاظم الحسيني ، وتلاشي اللجنة التنفيذية (١٩٣٤ م).
وأدّى مؤتمر الشباب دورا نشيطا في التظاهرات العنيفة التي وقعت سنة ١٩٣٣ م. فبعد صلاة الجمعة في ١٣ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٣٣ م ، سارت من الحرم الشريف تظاهرة ضخمة ، على رأسها موسى كاظم الحسيني وأعضاء اللجنة التنفيذية ، من دون استئذان السلطة ، فاصطدمت بقوى الأمن ، وجرح عدد من الطرفين. وفي ٢٧ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٣٣ م قامت تظاهرة مثيلة في يافا ، بعد صلاة الجمعة ، شاركت فيها وفود من شرق الأردن وسورية. ووقعت خلالها صدامات عنيفة مع قوات الأمن البريطانية ، وسقط أكثر من ٣٠ شهيدا و ٢٠٠ جريح ، بمن فيهم موسى كاظم ، واعتقل الكثيرون من رجال الحركة الوطنية ، فامتدت الاضطرابات إلى سائر أنحاء البلاد ، واستمرت أسبوعا. وعادت اللجنة التنفيذية وقررت القيام بتظاهرة أخرى بعد شهرين ، في يوم عيد الفطر.
ونتيجة احتدام التناقض المتولد عن حركة المشروع الصهيوني ، بتضافر جهود الاستيطان والانتداب في بداية الثلاثينات ، من جهة ، وتراجع فاعلية اللجنة التنفيذية العربية ، بحيث لم تعد قادرة على مواكبة عملية الصراع المتطورة ، وبالتالي تقصيرها في التعبير الحقيقي عن الروح الكفاحية العالية للشعب الفلسطيني ، من جهة أخرى ، كان طبيعيا أن تبرز تشكيلات سياسية ـ نضالية جديدة من إفرازات الواقع المتشكل. لقد هبط شكل من النضال ، قادته شريحة معينة من الزعامة الفلسطينية التقليدية ، واستنفدت طاقتها ، وأخذ أداؤها يخبو ، بينما أسباب الصراع لا تزال قائمة ، بل تتفاقم ، مولدة درجة أعلى من احتدام التناقض ، الأمر الذي يستلزم مستوى أعلى من حدة الصراع. وفي الواقع القائم ، تميّز الوضع الفلسطيني بحالة من الانفصام بين