المؤتمر النسائي العربي الأول في القاهرة أيضا. وندد المؤتمران بالسياسة البريطانية ، وهددا باتخاذ مواقف عدائية منها ، إذا لم تستجب للمطالب الفلسطينية. كما قرر المؤتمر البرلماني إيفاد ممثلين عنه إلى لندن للدعوة إلى القضية الفلسطينية. وفي المقابل ، حركت الصهيونية أعوانها في أوروبا والولايات المتحدة للضغط على بريطانيا من أجل فتح أبواب فلسطين لهجرة يهودية واسعة تحل مشكلة هؤلاء في أوروبا الوسطى. وبعد لقاء تشمبرلين مع هتلر ، كثفت إدارة روزفلت انتقادها للسياسة البريطانية ، وضغطها عليها «لاستعمال فلسطين وسيلة لحل المشكلة اليهودية» ، كما طرح روزفلت في رسالة إلى تشمبرلين.
وإزاء الضغوط من الجهات المتعددة ، تخلت الحكومة البريطانية عن مشروع التقسيم ، وتوجهت نحو عقد مؤتمر في لندن ، يضم ممثلين عرب ويهود ، تحاول من خلاله التوصل إلى تفاهم بين الأطراف بشأن مستقبل فلسطين. وفي خطاب له أمام مجلس العموم ، حاول وزير المستعمرات ، مالكوم مكدونالد ، التمهيد للمؤتمر ، إذ أكد أنه لا يمكن أن تحل فلسطين وحدها المسألة اليهودية في أوروبا ، وحتى لو قمعت الثورة فإن الحلول العسكرية وحدها لن تكفي ، وقال : «أنا لو كنت عربيا لتولاني الذعر من تدفق الهجرة.» وأضاف مكدونالد ، «إذا نحن لم نزل مخاوف العرب من أن يصبحوا تحت سيطرة اليهود ، فإننا نضطر إلى أن نجابه عداء جميع العرب ... ونضع قسما كبيرا من الجيوش البريطانية في فلسطين دائما.» (١)
وتسارعت الأحداث ، فأفرجت الحكومة البريطانية عن المعتقلين في جزر سيشل (٢٧ كانون الأول / ديسمبر ١٩٣٨ م) ، ودعت إلى مؤتمر لندن (٧ شباط / فبراير ١٩٣٩). وحضرت وفود من مصر والمملكة العربية السعودية والعراق واليمن وشرق الأردن ، فضلا عن وفد فلسطين ، الذي غاب عنه الحاج أمين ، بسبب رفض الحكومة البريطانية إشراكه في المفاوضات. وتشكل الوفد برئاسة جمال الحسيني ، وعضوية حسين فخري الخالدي وألفرد روك وموسى العلمي وعوني عبد الهادي وأمين التميمي ويعقوب الغصين وراغب النشاشيبي ويعقوب فراج. وتولى أعمال السكرتارية جورج أنطونيوس وفؤاد سابا. أمّا الوفد الصهيوني فضم أكثر من أربعين مندوبا ، برئاسة حاييم وايزمن ، وعضوية دافيد بن ـ غوريون ويتسحاق بن ـ تسفي ، وممثلين عن يهود بريطانيا وأميركا وفرنسا وبلجيكا وبولندا وجنوب إفريقيا. واستمرت أعمال المؤتمر حتى ٢٧ آذار / مارس ١٩٣٩ م ، لم تجتمع خلالها الوفود
__________________
(٥١) «فلسطين : تاريخها وقضيتها» ، مصدر سبق ذكره ، ص ٧٩.