المعلنة للتيارات المتطرفة ، وبالتالي توحدت الحركة الصهيونية على برنامج بلتمور ، الذي أصبح أساس العمل الصهيوني في أثناء الحرب وبعدها.
وأيّدت الإدارة الأميركية المنظمة الصهيونية على أساس برنامج بلتمور. ولأسباب داخلية ، ولاعتبارات انتخابية ، جاهرت بهذا التأييد ، متجاهلة حساسية الوضع بالنسبة إلى علاقات بريطانيا مع العرب. وسارع مكتب الرئيس روزفلت إلى إصدار بيان يؤيد برنامج بلتمور على الرغم من أنه يتنافى مع البيان الأنكلو ـ أميركي ، الذي صدر في آب / أغسطس ١٩٤١ م ، مؤكدا مبادىء ولسون بحق تقرير المصير للشعوب المقهورة. وترافق نقل مركز النشاط الصهيوني إلى الولايات المتحدة ، وتبني برنامح بلتمور ، مع حملة إعلامية واسعة لمصلحة إقامة الدولة اليهودية ، مستغلة الممارسات النازية إزاء يهود أوروبا الوسطى ، ومستندة إلى النفوذ الصهيوني في وسائل الإعلام وبيوت المال في أميركا. وقد وفرت هذه الحملة الغطاء للسياسة الأميركية ، التي تذرعت بدعم الكونغرس للصهيونية لأسباب انتخابية. وبرز على هذا الصعيد عضو مجلس الشيوخ من ولاية نيويورك ، روبرت واغنر.
إلا إنه على الرغم من تفاقم أزمة يهود أوروبا الوسطى ، فإن إدارة روزفلت ، وبتنسيق وثيق مع المنظمة الصهيونية ، ظلت ترفض منحهم تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة ، كما كانوا يرغبون. وعلى العكس ، راحت تلك الإدارة تضغط على حكومة بريطانيا لفتح أبواب فلسطين أمامهم ، بل وترتيب وسائل نقلهم وحمايتهم. وكانت بريطانيا تتحاشى ذلك لاعتبارات ردات الفعل العربية ، وخصوصا أن «حملة رومل» على شمال إفريقيا وصلت إلى حدود مصر ، وأصبحت تشكل خطرا على الوجود البريطاني في الشرق الأوسط ، كما تهدد مصادر النفط الحيوية للآلة العسكرية البريطانية. وفي رد لوزير خارجية بريطانيا ، أنتوني إيدن ، على رسالة لنظيره الأميركي كورديل هل (آذار / مارس ١٩٤٣ م) ، طلب فيها إيجاد حل سريع لمشكلة ٠٠٠ ، ٦٠ ـ ٠٠٠ ، ٧٠ يهودي بلغاري ، قال : «إن مسألة اليهود في أوروبا صعبة للغاية ، وإذا وافقنا على الحل المطروح ليهود بلغاريا ، فسرعان ما سنواجه قضايا أخرى شبيهة ، وسيستغل هتلر هذا التوجه من طرفنا ، كما أننا بحاجة إلى السفن التي تنقل هؤلاء ، وهي غير متوفرة لدينا.» (١) وأصرّت الإدارة الأميركية على رفض نقلهم ، ولو موقتا ، إلى الولايات المتحدة ، في السفن التي تعود إليها فارغة بعد إنزال حمولتها من الأغذية والأعتدة في أوروبا. والواضح أن الحركة الصهيونية ، ومعها الإدارة الأميركية ،
__________________
(٥٤) Ibid.,pp.٠٥٣ ـ ١٥٣.