محطاتها ، سمعت من الجانب العربي رفض المشروع الصهيوني ، وعدم شرعيته ، والتذمر من انحياز الغرب إليه ضد العرب. وفي المقابل ، سمعت من الجانب الصهيوني المطالبة بإقامة «إسرائيل» فورا ، أخذا في الاعتبار التعهد الدولي تجاه الصهيونية ، والالتزام الأخلاقي العالمي تجاه مصير اليهود في أوروبا في أثناء الحرب العالمية الثانية.
وقد جاء في توصيات اللجنة الأنكلو ـ أميركية (٢٠ نيسان / أبريل ١٩٤٦ م) ما يلي : ١) السماح حالا ل ٠٠٠ ، ١٠٠ يهودي بالهجرة إلى فلسطين ؛ ٢) أن لا تكون فلسطين دولة عربية أو يهودية ؛ ٣) يقام الحكم الذاتي فيها بضمانات دولية ، ولا تكون الكلمة العليا للأكثرية العددية ؛ ٤) تبقى تحت الانتداب البريطاني إلى أن يتسنى وضعها تحت وصاية الأمم المتحدة ؛ ٥) تلغى جميع القيود المفروضة على انتقال الأراضي. وأشارت اللجنة في تقريرها إلى رغبة العرب في الاستقلال والانضمام إلى الجامعة العربية. كما اعترفت بأن الوكالة اليهودية هي حكومة داخل حكومة الانتداب ، وبأنها تمتلك قوة عسكرية يقدر عددها ب ٠٠٠ ، ٦٠ رجل. وبذلك نسفت اللجنة الكتاب الأبيض (١٩٣٩ م). (١)
والتقطت إدارة ترومان البند المتعلق بهجرة ٠٠٠ ، ١٠٠ يهودي إلى فلسطين ، وأعلنت تأييدها القوي له ، متجاهلة البنود والتوصيات الأخرى. وقد دعا ذلك رئيس حكومة بريطانيا إلى تذكير الرئيس الأميركي ، في أثناء مناقشة الموضوع في مجلس العموم ، أنه ينبغي أخذ التقرير ككل متكامل ، وإلّا استوجب الأمر فرضه بالقوة ، وعندها لا بدّ من توضيح مقدار استعداد الإدارة الأميركية لتحمل مسؤولية ذلك عسكريا واقتصاديا. وردّت المنظمات الصهيونية في أميركا على أقوال أتلي بالتأكيد : «إننا نرغب في طمأنة الشعب الأميركي أنه لا حاجة قط ، ولو لجندي أميركي واحد ، للمحافظة على الأمن في فلسطين ، وأن طلب السيد أتلي إرسال جنود أميركيين ، مثله مثل إصراره على نزع سلاح القوات العبرية ، ليس إلّا ذريعة للمماطلة ... إن الإمبريالي المجرب قد نقل خطوط المناورة بعيدا جدا عن ساحة المعركة الحقيقية.» (٢) في المقابل ، أدان الكثيرون من موظفي حكومة الانتداب تقرير اللجنة الأنكلو ـ أميركية ، واعتبروه صفقة تنازل بريطانية لمصلحة الولايات المتحدة والصهيونية.
لقد تبين للجنة الأنكلو ـ أميركية تعذر التقريب بين مواقف العرب واليهود
__________________
(٦٣) المصدر نفسه ، ص ١٠٧١.
(٦٤) John Hadawi ,op.cit.,Vol.II ,p.٥٦.