بالذات عرضة هنا للخطر. والمطلوب الآن هو موقف جديد من المشكلة ، وإمكانات أكبر ، وإعادة تنظيم قواتنا لتأهب من نوع جديد تماما.» (١)
ومن موقعه ، راح بن ـ غوريون يهيّىء الاستيطان الصهيوني للمعركة القادمة ، ويعد الهاغاناه للحسم العسكري فيها ، ويعمل على توفير الإمكانات المادية والتسليحية لذلك. وبعد أن كان القوة الدافعة وراء برنامج بلتمور والانحياز إلى الولايات المتحدة ، والقرار بإنشاء الدولة اليهودية ، حتى في إطار التقسيم كمرحلة أولى ، كان بن ـ غوريون يعمل على إخراج بريطانيا من فلسطين. وقبل إعلان بريطانيا نيتها الانسحاب ، قال بن ـ غوريون في ٢٦ آب / أغسطس ١٩٤٧ م ، أمام اللجنة التنفيذية الصهيونية ، ما يلي : «علينا أن نبذل كل الجهود السياسية لإبعاد الحكم البريطاني ، بأسرع ما يمكن ، ومن دون أدنى تحفظ ، وألّا نسعى لتجميله و (إصلاحه) فحسب وإنما لإبعاده فعلا عن البلد إبعادا ماديا فلا يبقى له أي أثر أو ذكر في أرض ـ إسرائيل.» (٢) وتابع بن ـ غوريون قائلا : «فالمسألة المركزية والأكثر حيوية للييشوف والصهيونية على حد سواء ـ إذ إن مستقبلنا القريب والبعيد متعلق بها ، وبناء عليها ينبغي أن نقرر الاستراتيجية الصهيونية إزاء الخارج والداخل معا ـ [هي] مسألة أمن الييشوف وإنشاء قوة يهودية مسلحة.» (٣)
ويتضح من الذي تقدم ، وغيره من الشهادات والأدلة الكثيرة ، أن القيادة الصهيونية بزعامة بن ـ غوريون ، بعد أن حزمت أمرها بحسم المعركة عسكريا ، عمدت بنشاط محموم لإعداد الأداة العسكرية الصهيونية لأداء المهمة. ويؤكد تقرير اللجنة الأنكلو ـ أميركية أن القوات اليهودية في فلسطين وصلت في بداية نيسان / أبريل ١٩٤٦ م ، إلى نحو ٠٠٠ ، ٦٨ رجل ، موزعين كالتالي : ١) قوة ثابتة من سكان المدن والمستعمرات وعددها نحو ٠٠٠ ، ٤٠ ؛ ٢) جيش ميدان قوامه ٠٠٠ ، ١٦ ؛ ٣) قوات ضاربة (بلماح) وعددها ٦٠٠٠. وهذه القوات الثلاث شكلت الهاغاناه. وفضلا عنها كانت عصابتا الإرغون وشتيرن تضمان نحو ٦٠٠٠. وقد حصل أكثرهم على التدريب في صفوف الجيش البريطاني ، سواء في فلسطين ، أو الخارج ، في أثناء الحرب العالمية الثانية. وكثيرون منهم كانوا في جيوش الدول الأوروبية الشرقية الحليفة ،
__________________
(٦٨) مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، «حرب فلسطين ، ١٩٤٧ ـ ١٩٤٨» (الرواية الإسرائيلية الرسمية) ، ترجمه عن العبرية أحمد خليفة ، قدّم له وليد الخالدي ، راجع الترجمة سمير جبور (نيقوسيا ـ قبرص ، ١٩٨٤) ، ص ١٦٧.
(٦٩) المصدر نفسه ، ص ١٧٣.
(٧٠) المصدر نفسه ، ص ١٧٤.