ورابطوا مع وحداتها في الشرق الأوسط ، وفرّوا منها ، وانضموا إلى العصابات الصهيونية. وتؤكد المصادر أن نحو ٣٦٠٠ مجند يهودي من الذين تدربوا في بولونيا ، وجاؤوا إلى فلسطين ، ضاع أثرهم فيها بعد الحرب. ومنهم مناحم بيغن ، الذي عمل في قوات الجنرال أندرز ، وسرعان ما تولى إعادة تنظيم عصابة الإرغون بعد موت جابوتنسكي.
وقد استفادت الوكالة اليهودية من الخبرات الفنية والمتطوعين ، من اليهود وسواهم ، الذين جرى استقدامهم إلى فلسطين للعمل على بناء الأداة العسكرية الصهيونية. وكان من أبرز هؤلاء الضابط البريطاني الموالي للصهيونية ، أورد وينغيت الذي عمل على تدريب كتائب الهاغاناه ، والأميركي ، ماركوس الذي كان يعمل في هيئة أركان الجنرال أيزنهاور في أوروبا ، وانتقل منها إلى فلسطين ، وعمل في صفوف الهاغاناه ، وتولى قيادة منطقة القدس ، حيث قتل ، ونقل إلى الولايات المتحدة ليدفن في المقابر العسكرية ، بمراسم الشرف. وفي مجال التسليح والإنتاج الحربي ، عملت الوكالة اليهودية على سدّ بعض حاجاتها من الورشات التي أقامتها في أثناء الحرب ، وكانت تمد الجيش البريطاني ببعض العتاد ، كما تقوم بأعمال الصيانة لمصلحته ، واستمرت في عملها بعد الحرب ، ولكن لمصلحة الهاغاناه. أمّا القسم الأكبر من السلاح فقد وصل إلى العصابات الصهيونية عن طريق الشراء والتهريب والسرقة من مستودعات الجيش البريطاني ، وكذلك التجميع من مخلفات الجيوش الحليفة بعد الحرب مباشرة.
وفي مقابل وحدة الموقف السياسي إلى حد كبير ، إذ أجمعت الأحزاب الصهيونية على إقامة الدولة اليهودية ، ووحدة القرار المركزي ، الذي أصبح بيد دافيد بن ـ غوريون ، ووحدة الهدف ـ الحسم العسكري ـ ووحدة الأداة وتوفير مستلزماتها وتنظيمها ، وتخطيط عملها وبرمجته ، كان كل شيء تقريبا على الجانب العربي يظهر العكس ، ما عدا الحماسة الجماهيرية. وبغض النظر عن بيانات الجامعة العربية التي كانت تصدر باسم حكوماتها جميعا ، فإن موقفها الحقيقي ، أو بعضه على الأقل ، لم يكن متطابقا مع تلك البيانات ، لا نصّا ولا روحا. هذا فضلا عن أنها كانت جميعا حكومات حديثة العهد بالاستقلال ، وتسود بينها خلافات قسمتها إلى محاور ، ولديها من المشكلات الداخلية ، والارتباطات الخارجية ، ما يعيقها عن تنفيذ تعهداتها العلنية. وقد غاب عن عملها القرار المركزي ، بل القيادة المركزية ، على الرغم من تشكيل الجامعة العربية ، التي لم تكن قراراتها ملزمة لأعضائها ، وحتى في حال الإجماع ، ترك لكل طرف التنفيذ كما يرتئي. ولعل الأهم كان غياب وحدة الهدف