لقد دخلت وحدات جيش الإنقاذ إلى فلسطين والانتداب البريطاني لا يزال قائما فيها ، ولم تعترض السلطات ، التي كانت تعد نفسها للرحيل ، على هذا الانتشار العسكري ، إذ جاء بناء على تفاهم مع الجامعة العربية. ويستدل من انتشاره أنه تموضع في المناطق المحددة للدولة العربية في مشروع التقسيم. وفي الواقع ، فإنه ابتداء من شباط / فبراير ١٩٤٨ م ، اعتبرت قيادة الجيش البريطاني جيش الإنقاذ مسؤولا رسميا عن الأمن في المناطق التي انتشر فيها ، وتركزت مسؤولية الجيش البريطاني في المناطق اليهودية لحمايتها من أي هجوم عربي. وميدانيا ، انقسم جيش الإنقاذ إلى ساحتي عمل مستقلتين : المنطقة الوسطى ، حيث تمركزت أغلبية الوحدات ، بقيادة فوزي القاوقجي ؛ والمنطقة الشمالية ، حيث عملت عدة وحدات منه ومفارز مستقلة إداريا وجيش الجهاد المقدس ومجموعات محلية وسواها ، بقيادة أديب الشيشكلي. وبقي الأمر كذلك إلى ما بعد دخول الجيوش العربية ، إذ أنعم الأمير عبد الله على القاوقجي بلقب «باشا» ، وطلب منه الانسحاب ، ففعل في ١٧ أيار / مايو ١٩٤٨ م ، وسلم مواقعه للجيشين ـ الأردني والعراقي ـ وعاد إلى سورية ، ومنها إلى جنوب لبنان ، ثم فلسطين في حزيران / يونيو ١٩٤٨ م ، فانسحب الشيشكلي ، وتولى القاوقجي القيادة الميدانية في الشمال.
وبادر فوج اليرموك الثاني ليلة ٢١ ـ ٢٢ كانون الثاني / يناير ١٩٤٨ م بهجوم مفاجىء على مستعمرة يحيعام (جدين) في الجليل الغربي. ونجح جنود الجيش بمساندة محلية قوية من مسلحي القرى المجاورة ، بالتسلل إلى داخل سياج الأسلاك الشائكة المحيط بالمستعمرة ، ومفاجأة المدافعين عنها ، الذين سارعوا إلى التحصن داخل أسوار القلعة الصليبية الضخمة الموجودة هناك. وتدخلت قوات بريطانية ، فأوقف الهجوم ، لكن المستعمرة ظلت محاصرة حتى ربيع تلك السنة. وقام فوج اليرموك الأول بهجوم مماثل على طيرت تسفي (الزرّاعة) ، في غور بيسان ليلة ١٦ ـ ١٧ شباط / فبراير ١٩٤٨ م ، وفشل الهجوم بسبب سوء التخطيط والأحوال الجوية. ومرة أخرى تدخلت القوات البريطانية ، وانسحب المقاتلون العرب ، لأنهم حملوا تعليمات بعدم الصدام مع الإنكليز. وسقط في المعركة ٣٧ شهيدا. وبعد انتشاره ، ركز جيش الإنقاذ على قطع طرق المواصلات بين التجمعات اليهودية ، وعزلها ، ونجح في ذلك ، في القدس والجليل والنقب. وقد وقعت معارك ضارية من أجل السيطرة على الطرق ، وخصوصا في باب الواد ، بالقرب من القدس.
وفي آذار / مارس ١٩٤٨ م ، تكثفت عمليات الكمائن على طرق المواصلات ، شارك فيها إلى جانب جيش الإنقاذ متطوعون محليون ، وخصوصا في منطقتي القدس