الأثناء تحركت قوات إسرائيلية على طريق الناصرة ـ عيلبون ـ المغار شمالا ، واستكمل احتلال الجليل إلى حدود الانتداب مع لبنان (٣١ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٤٨ م). وكانت عملية حيرام أكبر عملية للقوات الإسرائيلية في الشمال ، شاركت فيها أربعة ألوية عسكرية ، كما كانت الأخيرة في المنطقة ، وفي نهايتها احتلت ١٤ قرية في الجنوب اللبناني.
وبانتهاء عملية حيرام ، عادت القوات الإسرائيلية بكامل زخمها إلى الجنوب في عملية حوريف. ففي ٩ تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٤٨ م ، احتلت عراق سويدان ، بعد معركة عنيفة ، بدأت بقصف مدفعي مركز على الموقع. وطوقت الفالوجة ، وفيها لواء مصري ، بقيادة سيّد طه ، الذي رفض الاستسلام. وجرت محاولة لتصفيته في أثناء عملية حوريف ، ففشلت ، مكلفة المهاجمين خسائر كبيرة بالأرواح في عراق المنشية ، إذ استبسل الجنود المصريون في القتال دفاعا عن كرامتهم. وكان هؤلاء رفضوا العروض التي قدمها عدة مرات قائد البلماح يغآل ألون في لقاءاته مع سيد طه وجمال عبد الناصر ، للتفاوض على الاستسلام. وظل هذا اللواء يقاتل بشراسة ، إلى أن وقعت اتفاقية الهدنة الدائمة بين مصر وإسرائيل ، فانسحب محافظا على شرفه العسكري. وبدأت عملية حوريف في ٢٢ كانون الأول / ديسمبر ١٩٤٨ م ، وكان هدفها «طرد العدو المصري نهائيا من أراضي إسرائيل وإبادته» ، كما ورد في المصادر العسكرية الإسرائيلية. (١) وحشدت للعملية خمسة ألوية ، كما شارك فيها سلاحا الجو والبحر الإسرائيليان. واستمرت المعركة حتى ٧ كانون الثاني / يناير ١٩٤٩ م. وصمدت القوات المصرية في بعض المواقع ، بينما توغلت القوات الإسرائيلية في سيناء حتى أبو عجيلة. وانتهت عملية حوريف من دون تحقيق أهدافها كاملة ، إذ صمدت القوات المصرية في قطاع غزة وجيب الفالوجة ، بينما سقطت المواقع الأخرى. وبعد العملية بدأت مفاوضات الهدنة الدائمة بين مصر وإسرائيل.
بعد عملية حوريف اعتقدت القيادة الإسرائيلية أن النقب أصبح تابعا لدولتها ، فاكتشفت أن المملكة الأردنية تنوي الاحتفاظ بمواقع لها فيه ، من ضمنها أم رشرش (إيلات) ، وكان ذلك في أثناء المفاوضات على الهدنة الدائمة ، فقررت استكمال احتلال النقب ، وطرد القوات الأردنية منه ، قبل التوقيع على الهدنة. ووضعت لهذا الغرض خطة عملية عوفدا ، التي تقضي بالتقدم نحو إيلات على محورين : الأول في وسط النقب ، والثاني في وادي عربة. وكلف بالعملية لواءان ، وانطلقت في ١٥ آذار /
__________________
(٨٨) المصدر نفسه ، ص ٦٨١.