كلها ، من البحر الأسفل (الخليج العربي) ، إلى البحر الأعلى (المتوسط) نحو سنة ٢٣٧٥ ق. م. ومع معرفتنا أن بلاد الشام ، وعلى الخصوص الشمالية ، كانت محط أطماع ملوك العراق لخيراتها ، وخصوصا الأخشاب والمعادن ، وكذلك بعض المنتوجات الزراعية ، فهناك شك في صحة هذا الادعاء.
إلّا إن سرجون الأول (٢٣٤٠ ـ ٢٢٨٤ ق. م.) ، ملك أكاد الأسطوري ، الذي أسس سلالة قوية ، وأقام أول إمبراطورية معروفة في العالم ، يكرر ادّعاء لوجال زاجيسي. فقد قام بحملات عسكرية في الجنوب والشرق ، لكن جلّ اهتمامه توجه إلى الغرب ، إذ «أحسّت عمورو بوقع سلاحه» ، مبكرا في سني حكمه. وهو يتفاخر بأنه لم يتوقف عند شواطىء البحر الأبيض المتوسط ، بل توغل أيضا في آسيا الصغرى ، وبأنه أقام سلطة دائمة في أرض عمورو. وبحسب المصادر الأكادية ضمت أرض عمورو كل المساحة الواقعة إلى الغرب من الفرات. وهي توازي ، بصورة أو بأخرى ، ما عرف لاحقا عبر النهر (عبر نهرا). ومن هنا اسم العموريين ، الذين تكلموا لغة سامية غربية ، متباينة عن السامية الشرقية ، التي استعملها الأكاديون والأشوريون.
لم يعثر بعد على آثار أكاد ، لكننا نعرف أنها كانت عاصمة إمبراطورية واسعة الأرجاء ، بناها سرجون ، وأوصلها ذروة قوتها وازدهارها حفيده نارام سين (٢٢٦٠ ـ ٢٢٢٣ ق. م.) ، الذي لقب نفسه «ملك أربع جهات الأرض» ، وحتى «إله أكاد». وفي الواقع امتدت مملكته من الخليج العربي (عمان ، دلمون) إلى البحر الأبيض المتوسط ، ولكن من دون فلسطين كما يبدو ، التي بقيت في منطقة نفوذ مصر ، في عهد المملكة القديمة. والمعروف أن نارام سين هذا هو الذي قضى على مملكة إبلا المزدهرة ، نحو سنة ٢٢٥٠ ق. م. وبعده بدأت فترة تراجع ، استمرت حتى سنة ٢١٥٠ ق. م. تقريبا ، إذ انهارت أكاد ، وسقطت في أيدي الجوتيين ، ولا شك أنه كان للعموريين دور في ذلك.
وحمل الأكاديون معهم حضارة بلاد الرافدين ، ونشروها في نطاق أوسع من مناطق حكمهم المباشر. وأبرز معالم ذلك الكتابة المسمارية التي انتشرت في غرب آسيا كلها ، إذ أصبحت اللغة الأكادية وسيلة التخاطب الرسمي بين المراكز الإقليمية وعاصمة الإمبراطورية ، إضافة إلى استعمالها في جميع العلاقات بينها. وقد جرت ملاءمة الخط المسماري ليعبر عن اللغات السامية المتداولة عبر الفرات. ومع ذلك انهارت هذه الإمبراطورية بعد أن عمّرت نحو ٢٠٠ عام. وبانهيارها المتزامن مع المملكة القديمة في وادي النيل ، أفسح في المجال أمام العموريين لملء الفراغ ، والتوسع شرقا في بلاد الرافدين ، وغربا حتى تخوم الدلتا في مصر. وهناك من يرجح