المتفاعلة بدورها ، وفي المجالات جميعها ، مع العراق شرقا ، ومصر غربا ، وأناضوليا شمالا ، بينما حدودها مفتوحة جنوبا على الجزيرة العربية.
ومن أقدم المصادر التاريخية المتوفرة عن فلسطين كتاب هيرودوتس «الحوليات» من القرن الخامس قبل الميلاد ، و «برديات زينون» من القرن الثالث قبل الميلاد ، التي تعتبر من الوثائق المهمة عن الحياة الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين في تلك الفترة. وهناك تواريخ بوليبيوس (٢٠٨ ـ ١٢٦ ق. م.) ، وديودوروس الصقلي (٨٠ ـ ٢٠ ق. م.) ، وبليني (٢٣ ـ ٧٩ م) ، وكذلك كتاب الجغرافي سترابو (٢١ ـ ٦٣ م). ومن العصر البيزنطي ، كتب أسقف قيساريا ـ يوسيبيوس (٢٦٣ ـ ٣٣٩ م تقريبا) ـ عن حياة الإمبراطور قسطنطين ، وتاريخ الكنيسة ، وكتاب الجغرافيا. كما تتوفر معلومات مهمة عن فلسطين في كتب المؤرخين والجغرافيين والرحالة العرب : البلاذري والإصطخري وابن حوقل وابن الفقيه والمقدسي ، وغيرهم كثيرون. كما وصفها رحالة غربيون ، قصدوها بدوافع دينية منذ العصور الوسطى ، ومنهم : السويسري فابري الذي زارها في فترة ١٤٨٠ ـ ١٤٨٣ م ، والألماني وولف في سنة ١٥٧٥ م ، والهولندي ريلاند في سنة ١٧٠٩ م ، والألماني سيتزن في سنة ١٨٠٠ م ، والسويسري بوركهارت في فترة ١٨٠١ ـ ١٨١٢ م. وقام روبنسون ، وزميله سميث ، بتسجيل أسماء المواقع الفلسطينية ، بعد زيارتين قصيرتين في سنة ١٨٣٨ م وسنة ١٨٥٢ م.
ونظرا إلى أهمية فلسطين الدينية ، فقد أولاها علماء الآثار واللاهوت والتاريخ والجغرافيا اهتماما كبيرا ، بالنسبة إلى غيرها من الأقطار العربية المحيطة. كما أنها جذبت ، عبر العصور ، الحجاج والرحالة الذين دوّنوا في كتبهم ومذكراتهم ما شاهدوه فيها. ومنذ منتصف القرن التاسع عشر ، وفي سياق التنافس الأوروبي بشأن النفوذ في الشرق الأوسط ، شكلت فلسطين بؤرة اهتمام لجمعيات الاستكشاف الأثرية والتوراتية والجغرافية وغيرها. وفي القرن العشرين ، راحت الدراسات المتعلقة بآثار فلسطين تتخذ طابعا منهجيا وعلميا. وإذ أثرى ذلك معرفتنا بالبلد من نواح مختلفة ، إلّا إنه أوجد في الوقت نفسه الكثير من الإرباكات أيضا ، نجمت عن الأهواء الدينية والسياسية التي حكمت أعمال بعض الباحثين. وفضلا عن الدوافع الدينية ، التي جرى التعبير عنها في الدراسات التوراتية ، وعلم الآثار التوراتي ، وذلك بمحاولة إخضاع تاريخ فلسطين وآثارها للنص التوراتي ، فقد أدّت الصهيونية دورا كبيرا في تشويه هذا التاريخ ، قديما وحديثا ، بما يخدم أغراضها. وهذا يلقي عبأ كبيرا على الباحثين العرب لتلافيه ، وخصوصا نتيجة ندرة الدراسات العربية الرصينة في هذا الموضوع الذي يهم الوطن العربي كافة.