في البيئات الغربية بلا استنكار وقد حرّمها الشرع ورفضتها قوانين الأخلاق الصحيحة ، والفطرة السليمة ، لم يجدوا مبرّراً لاقترافها والانصياع التام لشهواته الجامحة إلاّ بأن يتمسكوا باحدى هذه العناوين ، وليست الغاية من هذه القالة عنده ، إلاّ اقتراف السيئات والانغمار في الشهوات.
كما أنّ هذه العناوين قد صارت ملجأ لكل من أراد هدم الثقافة الشرقية الأصيلة وتحويرها ، وسوق الشرق إلى الإنصياع لتوجيهات الغرب وتناسي كل ما كان له من كرامة قديمة وقطع صلته بها.
ترى المنادين باستعمال الحروف اللاتينية بدل الحروف الشرقية الإسلامية يتمسكون باعذار ، ويستدلون باُمور منها : كون ذلك من مقتضيات الزمان ، ونتيجة يحتمها التاريخ ، غير أنّ الباحث الحر ، يرى للقديم كرامته الموروثة وللحديث نضارته الموجودة ، فيأخذ منها كل ما يليق بالأخذ ويصلح للاقتفاء فلا يعقد حلفاً مع كل قديم حتى الخرافات ولا يكب على كل حديث وإن أضر به وبكرامته وشرفه.
فعلى كل من يريد أن يحافظ على كرامة الانسان وكيانه وقيمه الأخلاقية ، أن يتوخّى الأصلح من مقتضيات الزمان ويصلحه على ضوء العقل والفطرة ، لا أن يطبق عمله عليه ، فليس مقتضى العصر وحياً اُوحي إلى المجتمع ، مصوناً عن الخطأ أو نقياً عن الاشتباه.
على أنّ هؤلاء المتشدّقين بأمثال هذه العبارات ، تقليداً للغرب والحضارة الغربية بلا تأمّل ولا روية ، قد عزب عنهم أنّ « هذه الحتمية » و « اقتفاء مقتضى الزمان » التي ينادون بها ، غير معترف بها عند أعيان القوم ، ومفكري المجتمعات ، بل أكابرهم فيها ، فكم نبّه علماء وحذر مفكرون من أبناء الغرب ، من عواقب السير على منهج هذه الحضارة ، واستخفّوا خطتها وتنبّأوا بانهيارها ونادوا بوجوب نقض اُسسها (١).
__________________
(١) نذكر على سبيل المثال منهم ، العلامة « الكسيس كارل » فارجع إلى ما حرره في كتابه « الانسان ذلك المجهول ».