الآية (١) ، ولقد صدق الخبر ، الخبر ، فغلب النبي على من في الجزيرة من اليهود فضلاً عن خصوص القانطين منهم في المدينة.
ثمّ إنّ في القرآن تنبّؤات بالمستقبل المظلم الأسود الذي لم يزل يواكب بعضها اليهود طيلة أربعة عشر قرناً من نزول القرآن إلى يومنا هذا ، لم ينخرم أي واحد منها أبداً ، وذلك قوله سبحانه : ( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المَسْكَنَةُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ ) ( آل عمران : ١١١ ـ ١١٢ ).
وفي هاتين الآيتين تنبّؤات :
١. إنّ هذا الشعب الماكر اللئيم ، لا يمكنه القيام بحرب مواجهة ومقابلة الند للند ، وإنّما يقع ضررهم على المسلمين عن طريق الغدر والمكر.
٢. ولو قاتلوا المسلمين لولّوهم الأدبار.
٣. ضرب عليهم الذل كضرب السكة على الدينار والخيمة على الانسان ، نعم كتب عليهم الذل والهوان إلاّ إذا تمسّكوا بحبل من الله ودخلوا في عهد منه أو عهد من الناس يستعينون بهم ويستظلّون بظلالهم.
٤. ضربت عليهم المسكنة وهي زي الفقر والخوف منه ، وفيهم من يملك آلاف الآلاف وليس فيه غنى النفس ، فهم أشد الشعوب خوفاً من الفقر ، وأشدها طمعاً وشرها في جمع الدنيا ، لا يعرفون القناعة وإن غرقوا في المال ، ولا يتورّعون عن الجري وراء الدنايا ، بأحط الوسائل.
٥. حلول غضب الله عليهم كما يعطيه قوله : ( وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ ).
والمراد من الضمير المتصل من قوله : ( لَن يَضُرُّوكُمْ ) وإن كان هو أهل الكتاب ،
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٤١٣.