بل إلى رؤساء العرب ، وشيوخ القبائل ، والاساقفة ، والمرازبة ، والعمال ، يدعوهم إلى دين الإسلام ، الذي هو دين السلام ، ورسالته من الله وما اُنزل إليه من ربّه.
وهذه المكاتيب أول دليل على أنّ رسالته ، عالمية لا تحدد بحد ، بل تجعل الأرض كلها مجالاً لإقامة هذا الدين ، ودونك نماذج ممّا ورد في تلكم الرسائل :
١. كتب إلى كسرى ملك فارس :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس : سلام على من اتبع الهدى ... أدعوك بدعاية الله فإنّي أنا رسول الله إلى الناس كافة ، لاُنذر من كان حيّاً ، ويحق القول على الكافرين ، أسلم تسلم ، فإن أبيت فعليك إثم المجوس » (١).
٢. وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قيصر ملك الروم :
« بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى ، أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرّتين فإن تولّيت فإنّما عليك إثم الاريسيين » (٢).
وما ذكرناه نماذج من رسائله ، وكتاباته الابلاغية ، وفيه وفي غيره مصارحة شديدة بأنّه رسول الله إلى العرب والعجم ، وإلى الناس كلهم ، من غير فرق بين اللون والجنس ، والعنصر والوطن ، ويمتد شعاع رسالته بامتداد الحضارة ، ووجود الانسان ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يكافح كل مبدأ يضاد دينه ، وكل رساله تغاير رسالته ، وقد جرى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه طيلة حياته الرسالية ، حتى التحق بالرفيق الأعلى.
يقول السير توماس ارنولد : « انّ هذه الكتب قد بدت في نظر من اُرسلت إليهم ضرباً من الخرق ، فقد برهنت الأيام على أنّها لم تكن صادرة عن حماسة جوفاء وتدل هذه الكتب دلالة أكثر وضوحاً وأشد صراحة على ما تردد ذكره في القرآن من مطالبة الناس جميعاً بقبول الإسلام ».
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٢ ، ص ٢٩٥ ، تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ، ص ٦١ وغيرهما.
(٢) السيره الحلبية ، ج ٢ ، ص ٢٧٥ ، مسند أحمد ، ج ١ ، ص ٢٦٣ وغيرهما.