ولده العزيز ويحدق في وجهه النظر قائلاً : تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الربّ وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون (١).
كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يملك ثلاثة ألوان من سلاح الغيب في كل أدوار رسالته وكان يتمكن بواسطتها من تغيير الوضع كيفما يريد ، عند مواجهته للمصاعب ، وعند حدوث اللحظات الخطيرة ولكنّه لم يستعمل هذا السلاح في أغلب الأوقات ، وكانت ألوان السلاح الغيبي متمثلة في الاُمور التالية : ١. المعجزة. ٢. استجابة دعائه. ٣. علم الغيب.
كان النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم يتمكن عن طريق الاعجاز والولاية التكوينية التي ملكها من قبل الله تعالى أن يهب السلامة والعافية لولده العزيز إبراهيم ( وذلك كالولاية التكوينية التي ملكها عيسى عليهالسلام وكان بها يحي الميت ويبرئ الأكمه والأبرص ) وكان يستطيع أيضاً ببركة دعائه المستجاب الذي منح له من قبل الله تعالى أن يدعو الله ويغيّر حالة ولده ، وينقذه من الموت ، وكان يقدر كذلك ـ عن طريق معرفته بالغيب ـ أن يمنع من عوامل المرض قبل أن تتسرب إلى جسم ولده العزيز لئلاّ يبتلى ولده بالمرض ، أو يختار لولده الأدوية الناجعة لتخليصه من المرض وذلك عن طريق اطلاعه على الغيب. كان يتمكن صلىاللهعليهوآلهوسلم على هذا ومثله ولكنّه رغم ذاك لم يستفد من هذه الأسلحة الغيبية التي كانت في يده لدفع الأضرار المرتقبة عنه وعن اسرته ولم يخط إلاّ في ظل المجاري الطبيعية للحياة ، ذلك لأنّ هذه الأسلحة ، أو الأسباب الغيبية إنّما اُعطيت للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليستفيد منها في اثبات رسالته وولايته الالهية حين يقتضي الأمر ذلك ، وإمّا الاستفادة منها في غير ذلك المجال فغير مأذون.
ومن المحتمل أن يكون أحد الأسباب التي تمنع النبي أو الإمام من الانتفاع من هذه السبل لجلب الخير أو لدفع الشر هو : أنّ استعمال هذه الأسباب الغيبية يقضي على الآثار العملية لدعوتهم ، لأنّه لا شك أنّ حياة القادة بما تحمل في طياتها من صبر وتحمّل
__________________
(١) راجع بحار الأنوار ج ٢٢ ص ١٥٧ والسيرة الحلبية ج ٣.