المحقّقين في «الإيضاح» (١).
فإن قلت : غاية ما أفاده هذا الباب تجويزهم العمل بالظنّ ، والظّاهر في الموضوع لا في نفس الحكم الشّرعيّ ، ومحلّ البحث حرمة العمل بالظنّ في نفس الحكم الشّرعيّ ، فلاحظه وتتبّع موارد تقديم الظّاهر ، فإنّ المراد في العمل بالظّاهر في الغسالة أو في طين الطّريق أو غيرهما أنّ ظنّ حصول ملاقاة النّجاسة يوجب الحكم بالنّجاسة ، فإنّ ملاقاة النّجس من الأسباب الشرعيّة الموجبة للحكم بنجاسة الملاقي ، وكذلك الظنّ بكون الجلد المطروح مذكّى إذا كان مقرونا بقرينة مفيدة للظنّ ، ككونه جلدا لكتبنا التي لا يتداوله الكفّار غالبا ، مع أنّ الأصل عدم التذكية.
وكذلك الظنّ بكون الشّهر السّابق على رمضان تماما بسبب غلبة كون شهر تماما وشهر آخر ناقصا وهكذا الى آخر السّنة ، وكون رمضان ناقصا لذلك يوجب الظن بكون اليوم الآخر من رمضان عيدا ، فبسبب الظنّ بكونه عيدا يجوز الإفطار على قول من يعمل بهذا الظّاهر ، وهكذا العمل على الصّحة فيما لو شكّ في جزء من الصلاة بعد خروجه إلى جزء آخر ، فإنّ كون المكلّف غالبا بحيث لا يخرج عن فعل إلّا بعد أدائه ، يوجب الظنّ بوقوع الفعل ، فيترتّب عليه حكمه من الإجزاء وعدم لزوم العود.
وهكذا الكلام فيمن يدّعي صحّة المعاملة إذا اختلف فيها ، مثلا إذا تنازعا في كون العقد حال الجنون أو الإقامة أو الصّغر والكبر أو الرّشد وعدمه ، وهكذا ، فالظنّ بكونه كبيرا حينئذ أو رشيدا أو عاقلا ، يترتّب عليه الحكم بمقتضاه من
__________________
(١) «ايضاح الفوائد» ٤ / ٣٢٢.