وإن ادّعى الخصوصيّة في ذلك ، فعهدته عليه ، والتوجّه الى القدح في جزئيّات موارد هذه الدّعوى يقتضي بسطا وإطنابا ، بل الكلام في ذلك ممّا لا يتناهى.
ولكن نذكر بعض الكلام فيه ممّا يكون من باب القانون لما نطوي عن ذكره.
وهو أنّ الإجماع المدّعى على حجّية الظّنون المتعلّقة بالمذكورين إمّا على الظّنون الدالّة على حجّيتهما ، أو دلالاتهما ، أو كيفيّة العلاج في معارضاتهما.
والقدر الذي يمكن أن يسلّم ويتصوّر من هذه الدّعوى إنّما هو الظّنون المتعلّقة بالأخبار المعلوم جواز الاعتناء بشأنها والتّكلّم عليها دلالة وجمعا وتنزيلا وترجيحا ، لأنّ هاهنا نوعا من الأخبار لا غائلة فيها بالذّات ، لكن الإشكال في منافاة بعضها مع بعض وترجيح بعض على بعض وفهم معانيها.
وأمّا الكلام في أنّ هذا الصّنف من الخبر هل هو من جملة تلك الأخبار أم لا ، فليس ذلك كلاما متعلّقا بالخبر ، بل هو متعلّق بإثبات حجّيته ، مثل النّزاع في أنّ خبر الصّبيّ المميّز حجّة أم لا ، والموثّق حجّة أم لا ، وخبر المتحرّز عن الكذب حجّة أم لا ، والخبر الضّعيف المنجبر بالشّهرة في العمل حجّة أم لا ، وما زكّي راويه العدل الواحد حجّة أم لا ، والمرسل حجّة أم لا ، ونقل الخبر بالمعنى جائز أم لا ، فإنّ دعوى الإجماع على حجّية الظنّ الحاصل بحجّية نفس الخبر من غير جهة أنّه ظنّ المجتهد مكابرة.
فإن قلت : إنّ الأخبار الواردة في علاج التّعارض بين الأخبار مستفيضة ، بل قريبة من التّواتر ، وهي كما تدلّ على حجّية خبر الواحد في الجملة تدلّ على جواز الاجتهاد في النّقد والانتخاب في الأخبار وأخذ الحجّة وترك غيرها.
قلت : بعد تسليم تواترها بالمعنى بحيث يجدي لك نفعا : إنّها إنّما تدلّ على