الاجتهاد فيما ثبت جواز العمل به منها ، وترجيح بعضها على بعض ، لا في إثبات ما يجوز العمل به منها وما لا يجوز ، فكما أنّ الأخبار الواردة في تعيين الإمام إذا تشاحّ الأئمّة أو المأمومون إنّما هو بعد صلاحيّة الأئمّة للإمامة ، فكذلك فيما نحن فيه.
فإن قلت : نعم ، ولكن هذه الدّعوى تندرج في دعوى الإجماع على حجّية الظنّ المتعلّق بالكتاب ، فإنّه يقتضي حجّية ما يفهم من قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) الآية. فالآية تدلّ على حجّية خبر العادل وخبر الفاسق الذي تثبّت خبره ، فأكثر هذه الأقسام إمّا داخلة في منطوق الآية أو مفهومها.
قلت : أوّلا : قولكم بحجّية الخبر الضعيف المنجبر بالعمل إن كان من جهة التبيّن فالتبيّن يقتضي بظاهره حصول العلم بالصّدق لا كفاية الظّن.
سلّمنا كفاية الظّنّ بتقريب أنّ العدالة أيضا لا تفيد (١) أزيد منه ، فإذا دلّت (٢) الآية بمفهومها على سماع خبر العدل المفيد للظنّ ، فلم لم يكتف في جانب المنطوق بالظنّ الحاصل من التثبّت بمقدار ما يحصل من خبر العدل ، لكن نقول : يلزم من هذا جواز العمل بالشّهرة أيضا ، إذ هو أيضا بناء مفيد للظنّ من جهة التثبّت.
فإن قلت : إنّ البناء ظاهر في الخبر عن اليقين ، والشّهرة إخبار عن الرّأي والاجتهاد.
قلت : فما تقول في التزكية لأجل إثبات العدالة ، أليس هي غالبا مبتنية على
__________________
(١) في نسخة الأصل (يفيد).
(٢) في نسخة الأصل (دل).