الإخبار عن الرّأي والاجتهاد ، فإن جعلت النبأ أعمّ ليشملها ، فيشمل الشّهرة أيضا ، وإن جعلته مخصوصا بالإخبار عن المحسوسات واليقينيّات [واليقينات] فبما (١) تعتمد على إثبات العدالة التي هو شرط قبول [القبول] الخبر في نفسه؟
وإن اعتمدت فيها على الظنّ الاجتهاديّ فما الدّليل على حجّية هذا الظنّ. والاعتماد على الإجماع الذي ادّعيت يدير الكلام ، مع أنّا نقول : إنّ تلك الآية تدلّ على أنّ الحجّية إنّما هو من أجل حصول الظنّ ، فإنّ الاعتماد على العلّة يقتضي أنّ الاكتفاء بالعدل أيضا إنّما هو لأجل حصول الظنّ بخبره ، وذلك واضح ممّا ذكرنا ، فإنّ إصابة القوم بجهالة علّة لعدم الاعتماد إلّا على ما يفيد الظنّ بالصّدق وذلك لا ينحصر في الخبر ، فدلّت (٢) الآية على الاكتفاء بالاطمئنان الظنّي ، فالتمسّك بالآية ينفعنا ولا يضرّنا.
ومن ذلك يحصل قوّة اخرى لما ذهب [ذهبنا] إليه ، فإنّ ذلك يخرّب مدار أمر الخصم في الاعتماد على الإجماع على حجّية الظّنون المتعلّقة بالآية والأخبار في غير جهة الاستنباط والدلالة ، ويثبت أنّ المعتمد إنّما هو الظنّ المورث للاطمئنان عادة.
ويتشعّب من ذلك أحكام كثيرة وقوانين كليّة كلّها مبنيّة على ذلك حينئذ ، ويحصل التّخلّص من الإشكال في وجه الاعتماد في مثل تزكية الرّاوي ، وقبول قول الطبيب في المرض المبيح للفطر والتيمّم ، وفي إنبات اللّحم وشدّ العظم ، وقول المقوّم والقاسم والمترجم ، وغير ذلك ممّا هو في غاية الكثرة في أبواب الفقه ، فقد
__________________
(١) في نسخة الأصل (فبم).
(٢) في نسخة الأصل «فدل».