تراهم يختلفون ويتردّدون في كفاية الواحد في الامور المذكورة لأجل تردّدهم في أنّها خبر أو شهادة.
وممّا ذكرنا تعرف أنّه لا حاجة الى ذلك ، بل هذه الأمور من جزئيّات ظنّ المجتهد في الموضوعات ، والمعتمد إنّما هو الظنّ ، وهذه الآية أيضا تدلّ على الاعتماد بملاحظة العلّة ، مع أنّ في الاستدلال بالآية في حجّية أصل خبر الواحد إشكالات عظيمة ، من جملتها أنّه لا تدلّ (١) على جواز العمل بخبر الواحد منفردا وإن كان الرّاوي عدلا أيضا ، وذلك لأنّ النّبأ أعمّ من الرّواية والشهادة وغيرهما من أقسام الخبر المقابل للإنشاء ، وقد اعتبروا التعدّد في الشهادة ، واكتفوا بالواحد في الرّواية ، ومع ذلك استدلّوا في المقامين لاشتراط العدالة بآية النّبأ ، فإن كانت (٢) الآية دليلا على اشتراط العدالة في الشّهادة ، فيلزم أن يكون المراد من الآية أنّ الرّجل الواحد العادل كلامه مطاع في الجملة ، ولكن لم يعلم أنّه منفردا ، أو بشرط انضمامه مع الغير ليشمل المقامين ، فلا يدلّ على قبول قول الواحد منفردا في غير الشّهادة ، كما لا يخفى. وإرادة قبوله منفردا بالنّسبة الى غير الشهادة ، ومنضمّا الى الغير في الشهادة في استعمال واحد غير صحيح ، كما حقّقناه في محلّه ، إذ هو استعمال اللّفظ في المعنى الحقيقيّ والمجازيّ معا.
والقول بأنّ الأصل والظّاهر من الآية كفاية الواحد ، والشّهادة مخرج بالدّليل ، مع كون الآية ظاهرة فيما هو بالشهادة أشبه من كونها إخبارا عن شخص معيّن مستلزم لتخصيص المنطوق بالخبر ، لثبوت الدّليل في الخارج على عدم كفاية
__________________
(١) في نسخة الأصل (لا يدل).
(٢) في نسخة الأصل (كان).