و «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» (١)(وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٢) أي سماعك وصومكم.
قوله : مجرّد عن العوامل اللفظيّة ، احترز به عن أسماء إنّ وكان وما ولا المشبّهتين بليس ، وعن المفعول الأوّل من باب علمت ، والثاني من باب أعلمت ، وعلم من احترازه عن العوامل اللفظيّة خاصة أنّه لا يحترز عن العوامل المعنويّة ، فإنّ المبتدأ لم يتجرّد عنها ، وقوله : مسندا إليه ، احترز به عن الخبر ، لأنّه مجرّد ، ولكن غير مسند إليه ، وعن مثل الأصوات نحو : غاق ، وألفاظ العدد ، وحروف التهجّي فإنّها مجرّدة ولكن ليست مسندا إليها ، لأنّها غير معربة لفقد التركيب ، وقوله : أو الصفة الواقعة بعد حرف الاستفهام أو حرف النفي رافعة لظاهر ، إنّما أفردها بالذكر لأنّها لم تدخل في رسم المبتدأ لكونها غير مسند إليها ، ولم تدخل في رسم الخبر ، لأنّ فاعلها سدّ مسدّ الخبر ، وذلك نحو قولك : أقائم الزيدان (٣) وقوله : رافعة لظاهر ، معناه أنّ هذه الصفة لا تقع مبتدأ إلّا بشرط أن تتجرّد عن الضمير المستكنّ فيها ، لترفع الظاهر الذي بعدها ، لأنّها كالفعل إذا رفع الظاهر (٤) واحترز بقوله : رافعة لظاهر عن الرافعة للمضمر نحو : أقائمان الزيدان ، وأقائمون الزيدون ، فإنّ قائمان وقائمون متعيّن للخبر (٥) لأنّ كلّا منهما رافع لضمير متّصل مستقرّ فيه لا للظّاهر الذي بعده لأنّ أقائمان وأقائمون لو كان مبتدأ ، لم يثنّ ولم يجمع ، لأنّ الفعل وشبهه إذا أسند إلى الظّاهر لم يثنّ ولم يجمع على مذهب الأكثر ، لكن يجوز ذلك على لغة أكلوني البراغيث وهي لغة ضعيفة (٦) ، فيجوز عليها أن يقع قائمان وقائمون مبتدأ مجرّدا عن المضمر ، رافعا للظّاهر الذي بعده ويكون الزيدان والزيدون فاعلا سدّ مسدّ الخبر (٧).
__________________
وهمع الهوامع ، ١ / ٩٣ وشرح الأشموني ، ١ / ٨٨.
(١) وروي : لأن تسمع ، وأن تسمع ، وهو مثل يضرب لمن خبره خير من مرآه ، انظره في جمهرة الأمثال للعسكري ، ١ / ١٨٦ وفصل المقال ، للبكري ١٢١ والمستقصى للزمخشري ، ١ / ٣٧٠.
(٢) من الآية ١٨٤ من سورة البقرة.
(٣) همع الهوامع ، ١ / ٩٤.
(٤) شرح الوافية ، ١٧١ وشرح ابن عقيل ، ١ / ١٨٩.
(٥) شرح الوافية ، ١٧١.
(٦) وهي لغة طيء أو أزد شنوءة أو بلحارت ، المغني ، ٢ / ٣٦٥.
(٧) شرح الكافية ، ١ / ٨٦ ، وتسهيل الفوائد ، ٤٤ وشرح ابن عقيل ، ١ / ١٩٩ ، وشرح الأشموني ، ١ / ١٩٢.