الجنس عن المسند بعد دخول «لا» المشبّهة بليس نحو : لا غلام خيرا منك برفع غلام ونصب خيرا منك ، فإنّ خيرا منك ، مسند بعد دخول «لا» باعتبار لفظ «لا» وهما أمران متميّزان ، وأما مثال خبر لا التي لنفي الجنس فنحو : قولك : لا غلام رجل ظريف بنصب غلام ورفع ظريف ، والنحويون يمثّلون في هذا الموضع بقولهم : لا رجل ظريف (١) ، وليس يحسن في التمثيل لاحتمال أن يكون ظريف صفة لرجل ، وقد رفعت حملا على محلّه بخلاف : لا غلام رجل ظريف فإنّه لا يحتمل غير الخبريّة لأنّ المضاف المنفي ، لا يوصف إلا بمنصوب فوجب أن لا يكون ظريف المرفوع صفة له ، ويتعيّن أن يكون خبرا ليس إلّا (٢) وأهل الحجاز يحذفون خبر لا التي لنفي الجنس كثيرا نحو : لا إله إلّا الله والتقدير : لا إله في الوجود إلّا الله (٣) وكذلك القول في : (٤)
لا سيف إلّا ذو الفقار |
|
ولا فتى إلّا علي |
وبنو تميم لا يثبتونه لفظا في كلامهم ، فإذا قلت : لا رجل أفضل منك ورفعت أفضل تعيّن للخبر على لغة أهل الحجاز ، وأمّا بنو تميم فلا يرفعونه أصلا ، لئلّا يتعين للخبريّة بل ينصبونه على الصّفة ويكون الخبر محذوفا تقديره في الوجود (٥).
__________________
(١) ومنهم ابن جني في اللمع ، ٤٦ وابن مالك في شرح التسهيل ، ٢ / ٦٨ وابن عقيل في شرح الألفية ، ٢ / ١٧.
(٢) هذا ما ذكره ابن الحاجب في شرح الكافية ، ١ / ١٧٠ مفضلا تمثيله في الكافية ، ب «لا غلام رجل ظريف فيها» على تمثيل النحويين بلا رجل ظريف قال : والنحويون يمثلون في هذا الموضع بقولهم : «لا رجل ظريف» وليس يحسن في التمثيل لأمرين :
أحدهما : أنه في الظاهر صفة ، ولا يليق بذي الفهم أن يمثل بمثال ظاهر في غير ما قصد تمثيله ، وأقله الاحتمال فيكره أيضا لذلك ، وهذا المثال «لا غلام رجل ظريف» لا يحتمل أن يكون ظريف إلّا خبرا لأن المضاف المنفي لا يوصف إلّا بمنصوب فوجب أن لا يكون صفة فزال الاحتمال عنه فحسن التمثيل به.
الثاني : هو أنا نقول بعد ذلك : وبنو تميم لا يثبتون الخبر مع «لا» فإذا كان التمثيل ب «لا رجل ظريف» غلب على الظن امتناع هذه في لغتهم فيوقع ذلك في الخطأ لأنهم يقولون بها» والظاهر أن الرضي أيضا في شرح الكافية ، ١ / ١١١ قد نقل ذلك.
(٣) شرح الوافية ، ١٨٢ وانظر شرح التصريح ، ١ / ٢٤٦.
(٤) روي هذا الرجز من غير نسبة في المقاصد الحسنة للسخاوي ٤٦٦ وكتاب الطيب من الخبيث للشيباني ١٩٣.
(٥) شرح الوافية ، ١٨٣ وانظر شرح المفصل ، ١ / ١٠٧ وتسهيل الفوائد ، ٦٧ وشرح الكافية ، ١ / ١١٢ وشرح