كالجهات لكثرة الأمكنة ، وحملت الأمكنة المعيّنة التي تقع بعد «دخلت» في قولك : دخلت الدّار على الأمكنة المبهمة فنصبت بتقدير «في» على الأصحّ (١). لأنّ المبرّد والجرميّ (٢) ذهبا إلى أنّ دخل متعدّ بنفسه ، فيكون المنصوب بعده مفعولا به لا ظرفا (٣) ، والصحيح أنّ دخل لازم لأنّ مصدره فعول ، وهو من المصادر اللّازمة غالبا (٤) وقد ينصب الظرف بعامل مضمر (٥) عند قيام القرينة كقول القائل : متى سرت؟ فتقول : يوم الجمعة وكذا كم سرت؟ فتقول : يومين ، أي : سرت يوم الجمعة وسرت يومين ، وقد ينصب الظرف بعامل مضمر على شريطة التفسير ، مثل باب : زيدا ضربته نحو : اليوم سرت ، فيختار رفعه ، وقام زيد ، واليوم سرت فيه ، وما اليوم سرت فيه ، واليوم سر فيه ، فيختار النّصب وقس على ذلك ما في الباب في استواء الأمرين فيه ، (٦) ووجوب نصبه إذا وقع بعد حرف الشّرط والتحضيض (٧).
واعلم أنّه قد يجعل المصدر حينا لسعة الكلام (٨) فيقال : كان ذلك مقدم الحاجّ ، وخفوق النّجم وخلافة فلان وصلاة العصر ، فخفوق النّجم بمعنى مغيبه (٩) ، والخلافة والصّلاة مصدران أيضا جعلا حينا توسّعا وإيجازا ، أمّا التوسّع فإنّه جعل المصدر حينا ، وليس من أسماء الزمان ، وأمّا الإيجاز فلحذف المضاف إذ التقدير ، وقت خفوق النّجم ، ووقت صلاة العصر فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه (١٠).
__________________
(١) شرح الوافية ٢١٥ وانظر الكتاب ، ١ / ٣٥.
(٢) هو صالح بن إسحاق أبو عمر الجرميّ ، كان فقيها عالما بالنحو واللغة دينا ورعا حسن المذهب ، أخذ عن الأخفش ويونس وحدّث عن المبرّد وله من التصانيف كتاب الأبنية وغريب سيبويه توفي ٢٢٥ ه. انظر ترجمته في الفهرست ٨٤ ـ ٨٥ ووفيات الأعيان ٢ / ٤٨٥ وبغية الوعاة ٢ / ٨.
(٣) المقتضب ٤ / ٦٠ ـ ٣٣٧ ـ ٣٣٩ وشرح المفصل ، ٢ / ٤٤ وشرح الكافية ، ١ / ١٨٦.
(٤) الكتاب ٤ / ١٠ ولسان العرب ، دخل.
(٥) الكافية ، ٣٩٢.
(٦) مثل : زيد قام ،. واليوم سرت فيه ، شرح الوافية ، ٢١٥ ـ ٢١٦.
(٧) مثل : إن اليوم سرت فيه ، وهلّا اليوم سرت فيه شرح الوافية ، ٢١٦ وشرح المفصل ، ٢ / ٤٧.
(٨) انتقل أبو الفداء إلى المفصل ، قال الزمخشري .. وقد يجعل المصدر حينا لسعة الكلام فيقال : كان ذلك مقدم الحاج وخفوق النجم وخلافة فلان وصلاة العصر.
(٩) غير واضحة في الأصل وانظر شرح المفصل ، ٢ / ٤٤.
(١٠) شرح المفصل ، ٢ / ٤٤ ـ ٤٥.