من ميّزت ، وهو الاسم النكرة الذي يرفع الإبهام المستقرّ عن ذات مذكورة أو مقدّرة والإبهام : الإجمال وهو ضدّ الإيضاح وقوله : الإبهام المستقرّ ، احتراز به عن الأسماء المشتركة فإنّك إذا قلت : رأيت عينا مبصرة أو جارية ، لم ترفع عن تلك العين إبهاما مستقرّا بالوضع بل إبهاما عارضا للسّامع ، فإنّها وضعت لشيء بعينه معلوم للمتكلم بخلاف عشرين ، فإنّها وضعت مبهمة لا لدنانير ولا لدراهم (١) وقوله : عن ذات ، احتراز به عن نحو المصادر الدّالة على الهيئات نحو : جلست جلسة ، وعن الحال نحو : جاء زيد راكبا ، فإنّه إنّما يرفع الإبهام عن صفة المجيء لا عن ذات زيد ، لأنّ ذات زيد لا إبهام فيها ، وقوله : الاسم النكرة ، إنّما هو على المختار وهو مذهب البصريين ، فإنّ المميّز (٢) عندهم لا يكون إلا نكرة ، والكوفيون يجيزون أن يكون التمييز نكرة ومعرفة (٣) ويستشهدون بمثل قوله :/ (٤)
النازلين بكلّ معترك |
|
والطيّبون معاقد الأزر |
ويجوز أن يدفعوا بأنّ الإضافة إلى الأجناس لا تفيد التعريف ، ويستشهدون أيضا بمثل : غبن رأيه ، ووجع ظهره ، وفي التنزيل : (سَفِهَ نَفْسَهُ)(٥) والبصريون يقولون : إنّ ذلك منصوب على التشبيه بالمفعول (٦) ويستشهد الكوفيّون أيضا بقول الشاعر : (٧)
__________________
(١) في الأصل ولا دراهم ، وانظر شرح الوافية ، ٢٢٥ وشرح الكافية ، ١ / ٢١٦.
(٢) أي التمييز ، الهمع ، ١ / ٢٥٠.
(٣) انظر عمدة الحافظ ، ١ / ٣٦١ وشرح الكافية ، ١ / ٢٢٣ وشرح التصريح على التوضيح ، ١ / ٣٩٤ وهمع الهوامع ، ١ / ١٥٢.
(٤) البيت لخرنق بنت هفان القيسيّة أخت طرفة بن العبد لأمه ، وقد روي البيت منسوبا لها في الكتاب ، ١ / ٢٠٢ ـ ٢ / ٦٤ والمحتسب ، ٢ / ١٩٨ وكتاب الحلل ، ١٥ والإنصاف ، ٢ / ٦٤٨ وشرح الكافية ، ١ / ٣١٦ وشرح التصريح ، ٢ / ١١٦ وهمع الهوامع ، ٢ / ١١٩ وخزانة الأدب ، ٥ / ٤١ ورواه العيني في شرح الشواهد ، ٣ / ٦٨ من غير نسبة ، وعند بعضهم «النازلون» مكان النازلين. المعترك ، موضع القتال ، معاقد الأزر : كناية عن عفّة فروجهم تريد أنهم لا يعقدون مآزرهم على فروج زانية.
(٥) من الآية ١٣٠ من سورة البقرة.
(٦) أو على إسقاط الجار أي في نفسه ، وفي رأيه ، وفي ظهره ، انظر تسهيل الفوائد ، ١١٥ وشرح الكافية ، ١ / ٢٢٣ وهمع الهوامع ، ١ / ٢٥٢.
(٧) البيت لرشيد أو راشد بن شهاب اليشكري ، روي منسوبا له في المفضليات ، للضبي ، ٣١٠ وشرح