به أجّريت مجراه في الأحكام المذكورة.
واعلم أنّ نحو : لا أبا له ولا غلامي له ، ليس بمضاف إلى الضمير كما ذهب إليه سيبويه (١) من أنّه مضاف إلى الهاء واللّام زائدة لتأكيد الإضافة ، لفساد المعنى ، إذ يبقى معناه لا أباه ، فتبقى لا ، بلا خبر ، وتعمل في المعارف وهو غير جائز (٢) وعلى هذه اللغة الثانية يأتي لفظ هذه النكرة مثل لفظ المضاف في أي موضع وجد ، لكن يظهر أثر هذه اللغة الثانية في الأسماء الخمسة وهي : أبوه وأخوه وحموه وهنوه وفوه ، وأمّا ذو فلا تجري هذا المجرى ، ويظهر أيضا في التثنية ، والجمع الصحيح لأنّ إعراب الأسماء الخمسة مضافة في النصب بالألف وفي الإفراد بالفتح وإعراب التثنية والجمع الصحيح المذكّر في الإضافة بسقوط نونه ، وفي الإفراد بثبوتها ، قال ابن الحاجب (٣) : والظاهر أنّ جمع المؤنّث الصحيح كذلك ؛ فإنّ تنوينه يحذف في الإضافة كقولك : ضارباتك ، ويثبت في الإفراد نحو : لا ضاربات في الدار فتقول على هذه اللغة الثانية : لا أبا لزيد ، وكذلك لا أخا ، ولا هنا ، ولا حما ، ولا فا ، لزيد ، ولا ناصحي لخالد ، ولا ضاربات لزيد ، فتثبت الألف في الأسماء الخمسة كما تقول : رأيت أبا زيد وأخاه إلى آخرها وتسقط نون التثنية في قولك : لا ناصحي لخالد ، كما تقول : رأيت ناصحي خالد وكذلك تسقط نون الجمع ، في قولك : لا ناصحي لخالد ، كما تقول : رأيت ناصحي خالد ، وكذلك يسقط تنوين جمع المؤنّث في قولك : لا ضاربات لزيد ، كما تقول : رأيت ضارباتك ، وغير الأسماء الخمسة والتثنية والجمع السّالم ، لا يختلف لفظه في اللغتين ؛ ألا ترى أنّك إذا قلت : لا غلام لزيد ، وقدّرته مفردا ، وجبت له الفتحة لوجوب بنائه على ما ينصب به ، وإذا شبّهته بالمضاف أعربته بالنصب وهو مضاف فلم يكن له غير الفتحة ، ولكن تقدّر في لغة الإفراد الفتحة للبناء ، وفي لغة التشبيه بالمضاف فتحة إعراب بالنّصب ، وإن ذكر بعد النكرة ما لم يصحّ إضافتها إليه نحو : لا أب فيها ، ولا رقيبين عليها ، لم يكن فيه إلّا البناء وسقطت
__________________
(١) الكتاب ، ٢ / ٢٧٦ ـ ٢٩٠ والمقتضب ، ٤ / ٣٦٦ وشرح المفصل ، ٢ / ١٠٤ ـ ١٠٧ وشرح الكافية ، ١ / ٢٦٥.
(٢) شرح الوافية ، ٢٤٤ ، والنقل منه بتصرف يسير.
(٣) شرح الوافية ، ٢٤٤ ـ ٢٤٥.