وقول الشاعر : (١)
... |
|
فاذهب فما بك والأيّام من عجب |
فشاذ ، وحكم المعطوف مثل حكم المعطوف عليه (٢) فيما جاز له ، ووجب وامتنع فإذا قلت : زيد قائم وعالم ، فلا بدّ من ضمير في عالم المعطوف ، كما لا بدّ منه في قائم المعطوف عليه ، وكذلك : جاءني الذي قام أبوه وسافر غلامه ، فلا بدّ من ضمير في الجملة الثانية كما في الأولى ، فالمعطوف على الخبر يجب أن يصحّ كونه خبرا ، وكذلك المعطوف على الصّلة يجب أن يصحّ كونه صلة ، وكذا لا يعطف على الحال إلّا ما يصحّ أن يكون حالا (٣) فإن أبى الثاني حكم العطف ، أي لم يستقم لفوات المصحّح ، فاجعله مستقلا لا معطوفا نحو منطلق في قولك : ما أنت قائما ولا منطلق عمرو ، فلو جعلت منطلق منصوبا عطفا على خبر ما ، الذي هو قائم لم يستقم لوجود الضمير في المعطوف عليه وهو قائم وامتناعه في المعطوف وهو منطلق لكون عمرو فاعلا له ، فيجعل قوله : ولا منطلق عمرو جملة معطوفة على الأولى ، كأنه قيل : ما أنت قائما ولا عمرو منطلق (٤) فإن أورد في هذا الباب قولهم : الذي يطير فيغضب زيد الذباب ، من حيث كان يطير صلة للذي ، وفيه ضمير عائد ، وقد عطف فيغضب عليه وليس فيه ضمير يعود ، فالجواب : أنّ هذه فاء السببيّة لا فاء العطف ، لأنّك لو قدّرت موضعها حرف عطف / وقلت : الذي يطير ويغضب زيد أو ثمّ يغضب
__________________
أنه قد قرأتها جماعة من غير السبعة كابن مسعود ، وابن عباس ، والأعمش والحسن البصري ، وإذا صحت الرواية لم يكن سبيل إلى ردها ، وتحتمل وجهين آخرين غير العطف ، أحدهما : أن تكون الواو واو القسم وهم يقسمون بالأرحام ويعظمونها وجاء التنزيل على مقتضى استعمالهم ويكون قوله : إن الله كان عليكم رقيبا ، جواب القسم. والوجه الثاني : أن يكون اعتقد أن قبله باء ثانية حتى كأنه قال : وبالأرحام ، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها ، وقد كثر عنهم حذف حرف الجر ، وانظر الخصائص ١ / ٢٥٨ وشرح الكافية ، ١ / ٣٢٠.
(١) هذا عجز بيت لقائل مجهول ، وصدره :
فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا
ورد في الكتاب ، ٢ / ٣٨٣ والكامل ، ٣ / ٣٩ والإنصاف ، ٢ / ٤٦٤ وشرح المفصل ، ٣ / ٧٨ ـ ٧٩ والمقرب ، ١ / ٢٣٤ وشرح الكافية ١ / ٣٢٠ وشرح الشواهد ، ٣ / ١١٥ وهمع الهوامع ، ١ / ١٢٠ ـ ٢ / ١٣٩ وشرح الأشموني ، ٣ / ١٥ وخزانة الأدب ، ٥ / ١٢٣.
(٢) الكافية ، ٤٠١.
(٣) شرح الكافية ، ١ / ٣٢١.
(٤) شرح الوافية ، ٢٦١ والنقل منه.