ومنه قول الشّاعر : (١)
إنّ من يدخل الكنيسة يوما |
|
يلق فيها جآذرا وظباء |
فمن مبتدأ ، ويدخل خبره ، ولا يجوز أن يكون من هو اسم إنّ ، لأنّ من شرط ، والشّرط له صدر الكلام ، واسم إنّ ليس له صدر الكلام ، فالمبتدأ والخبر في موضع رفع بأنه خبر إن ، واسم إنّ ضمير الشأن ، وهو محذوف ، وتقديره : إنّه من يدخل ، وكذلك يضعف : وجدت زيد قائم بحذف الضمير ، لأنّه مراد ، لكونه جزء الجملة وليس على حذفه دليل ، وأمّا ضمير الشأن مع أنّ المفتوحة إذا خفّفت فإنّ حذفه لازم ، لأنّهم لو لم يقدّروا ذلك لكان للمخفّفة المكسورة على المخفّفة المفتوحة مزيّة في العمل ، والمفتوحة أقرب إلى الفعل ، وقد جوّزوا إعمال المخفّفة المكسورة ، قال الله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ)(٢) ولم يجيزوا إعمال المخفّفة المفتوحة قال الشاعر : (٣)
... |
|
أن هالك كلّ من يحفى وينتعل |
فلم تنصب هالك ، فوجب تقدير عملها في ضمير الشأن (٤) لكونها أشبه بالفعل من المكسورة ، ألا ترى أنّ قولك : أنّ على لفظ أنّ الذي مضارعه يئن من الأنين.
ولم يأت ضمير الشأن مجرورا كما جاء مرفوعا ومنصوبا ، لأنّه كناية عن
__________________
(١) البيت للأخطل ورد في ديوانه ، ٣٧٦ وورد منسوبا في الحلل ٢٨٧ وشرح شواهد المغني ، ١ / ١٢٢ ـ ٢ / ٩١٨ وخزانة الأدب ، ١ / ٤٥٧ ـ ٥ / ٤٢٠ وورد البيت من غير نسبة في أمالي ابن الشجري ، ١ / ٢٩٥ وشرح المفصل ، ٣ / ١١٥ والمقرب ، ١ / ١٠٩ ـ ٢٧٧ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٩ ومغني اللبيب ، ١ / ٣٧٠ ، ٢ / ٥٨٩ والعمدة للقيرواني ٢ / ٢٧٣ وهمع الهوامع ١ / ١٣٦.
الجآذر : أولاد البقر واحدها جؤذر.
(٢) من الآية ١١١ من سورة هود ، قرأ الحرميان وأبو بكر وإن كلا بتخفيف إنّ ، وشدد الباقون ، وقرأ عاصم وحمزة وابن عامر «لما» بالتشديد ، وخفف الباقون. الكشف ١ / ٥٣٦ وانظر الإتحاف ، ٢٦٠.
(٣) هذا عجز بين للأعشى ، ورد في ديوانه ، ١٠٩ برواية :
إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا |
|
إنّا كذلك ما نحفى وننتعل |
وورد منسوبا له في الكتاب ، ٢ / ١٣٧ ـ ٣ / ٧٤ ـ ٤٥٤ والمنصف ، ٣ / ١٢٩ والمحتسب ١ / ٣٠٨ وأمالي ابن الشجري ، ٢ / ٢ والإنصاف ، ١ / ١٩٩ ومن غير نسبة في الخصائص ٢ / ٤٤١ وشرح المفصل ، ٨ / ٧٤ وهمع الهوامع ، ١ / ١٤٢. وروى بعضهم صدر البيت : في فتية كسيوف الهند قد علموا.
(٤) شرح الوافية ، ٢٨٤ ـ ٢٨٥.