الضرب الثالث : ما وضع علما للأعيان المؤنّثة نحو : قطام وغلاب وإنّما قال : علما ليخرج باب فساق ، وإنّما قال : للأعيان ليخرج باب فجار ، لأنّه وإن كان علما لكنه علم للمعنى الذي هو المصدر لا للأعيان ولم يقع هذا الضرب الثالث إلّا مؤنّثا ، وهي مبنيّ أيضا في لغة أهل الحجاز (١) وعلّة بنائه ما قيل في : فجار من العدل والزنة ، وغلاب معدول عن غالبة ، وقطام عن قاطمة لفظا ومعنى (٢). واعلم أنّ قولنا في غلاب وقطام ونحوهما : إنّه معدول عن غالبة وقاطمة ، إنّما هو عدل تقديريّ لا تحقيقي (٣) وإنّما وجب المصير إليه للعلم بأنهم لا يبنون إلّا لمانع من الإعراب ، ولا مانع سوى ما قدّر من العدل ومشابهة فعال المبنيّ في الزنة ، وفي هذا الضرب الثالث خاصة خلاف أعني علم الأعيان فإنّه مبنيّ في لغة الحجاز معرب في لغة بني تميم إعراب ما لا ينصرف ، إلّا ما كان في آخره راء نحو : حضار اسم كوكب يطلع قدّام سهيل ويشتبه به (٤) فإنّ بني تميم يوافقون الحجازيين في بنائه إلّا القليل منهم فإنّهم يعممون الإعراب في جميع هذا الضرب الثالث وقد جرى القليلون على القياس في ذلك ، إذ لا فرق بين ما آخره راء وغيرها (٥).
ذكر الأصوات (٦)
وهي خامس المبنيّات ، وهي : كلّ لفظ حكي به صوت نحو : غاق ، حكاية صوت الغراب ، وطق ، حكاية صوت الحجر ، أو صوّت به للبهائم ليحصل منها ما يقصده المصوّت من إناخة وغيرها كنخ وجوت (٧) وبني هذا النّوع / لعدم التركيب لأنّ وضعه على أن ينطق به مفردا (٨) وقد جاء إعرابه مركّبا قليلا.
__________________
(١) المقتضب ، ٣ / ٣٧٣ وشرح المفصل ، ٤ / ٦٤.
(٢) شرح الوافية ، ٢٩٤ وانظر شرح المفصل ، ٤ / ٦٥.
(٣) شرح الكافية ، ٢ / ٧٩.
(٤) قال أبو عمرو بن العلاء : يقال : طلعت حضار والوزن وهما كوكبان يطلعان قبل سهيل فإذا طلع أحدهما ظنّ أنه سهيل للشبه ، اللسان ، حضر.
(٥) شرح الوافية ، ٢٩٤ وانظر شذور الذهب ، ٩٤.
(٦) الكافية ، ٤٠٦.
(٧) جوت جوت : دعاء الإبل إلى الماء. اللسان ، جوت.
(٨) شرح الأشموني ، ومعه حاشية الصبان ، ٣ / ٢١١.