عشر لتضمّنه معنى الحرف (١) أعني الواو ، لأنّ أصل أحد عشر ، أحد وعشر ، وكذا القول في اثني عشر في بناء الثاني خاصة إلى تسعة عشر ، وبنيا على حركة ، لأنّ لهما أصلا في التمكين قبل التركيب ، وكانت فتحة طلبا للخفّة.
ومنه : اسم الفاعل المصوغ من الأعداد المذكورة وهو حادي عشر وثاني عشر إلى تاسع عشر ، واطّرد البناء فيه ولم يعرب الجزء الأول من ثاني عشر كما أعرب من اثني عشر لاستوائه مع إخوته في علّة البناء لأنّ اسم الفاعل المذكور جرى في البناء مجرى أصله ؛ فحادي عشر وثاني عشر ، مبنيّان كبناء أحد عشر وعلى ذلك حتى يكون تاسع مبنيّا كبناء تسعة عشر ، وأما اثنا عشر فبني الثاني خاصة لتضمّنه معنى الحرف ، وأعرب الأوّل ، لأنّهم لمّا حذفوا النون من اثنين لكونها تدلّ على الانفصال ، أشبه المضاف وصار الاسم الثاني كالمضاف إليه ، فأجروا الاسم الأول مجرى الكلمة المستقلّة المضافة فأعربوه بالألف في الرفع وبالياء في النصب والجر فقالوا : جاءني اثنا عشر ورأيت اثني عشر ومررت باثني عشر ، بإعراب الأول وبناء الثاني على الفتح (٢) ، ومن هذا الضّرب قولهم (٣) ، «وقعوا في حيص بيص» وتقديره في حيص وبيص أي في فتنة تموج بأهلها متأخّرين ومتقدّمين / وعلّة بنائه ما تقدّم أعني ، لتضمّن الثاني معنى الحرف ولكون الأول كصدر الكلمة ، ومثله : هو جاري بيت بيت (٤) والتقدير : هو جاري بيتا إلى بيت أي متلاصقان ، والعامل فيه جاري ؛ لأنّه بمعنى مجاوري ، ومن ذلك : سقطوا بين بين أي بين كذا وبين كذا (٥).
وأمّا الضّرب الثاني :
وهو أن يكون الأول مبنيّا والثاني معربّا ف : كحضرموت وبعلبكّ ، بني الأوّل لكونه كصدر الكلمة ، وبقي الثاني على ما يستحقّه من الإعراب فيقال : هذا بعلبكّ
__________________
(١) شرح المفصل ، ٤ / ١١٢.
(٢) شرح الوافية ، ٢٩٦ وانظر الكتاب ، ٣ / ٣٠٧ وشرح الكافية ، ٢ / ٨٨.
(٣) وضح المؤلف معنى المثل ، وانظره في جمهرة الأمثال ، ٢ / ٢٤٥ والمفصل ، ١٧٦ ـ ١٧٧ وشرح الكافية ، ٢ / ٩٢ واللسان ، حيض.
(٤) الصحاح واللسان ، بيت ، وشرح الكافية ، ٢ / ٩١.
(٥) شرح المفصل ، ٤ / ١١٧ واللسان ، بين.