ظرفا كان ظرفا نحو : كم يوما وكم يوم صمت ، وأمّا الرفع فعلى أن يكونا مبتدأين أو خبرين ، وذلك إذا لم يكن بعدهما فعل متسلّط عليهما ولا قبلهما اسم مضاف ولا حرف جرّ فيكونان حينئذ مجرّدين من العوامل اللفظيّة ، فيتعيّن أن يكونا في موضع رفع على الابتداء أو على الخبر ، ولا يكونان فاعلين لاقتضائهما صدر الكلام ، والفاعل ليس له صدر الكلام ، وأمّا تعينهما للابتداء دون الخبر أو للخبر دون الابتداء ، فإذا وقعا غير ظرف تعيّنا للابتداء كقولك : كم رجلا إخوتك ، وكم رجلا قام ، وإن وقعا ظرفا تعيّنا للخبر ، كقولك : كم يوما سفرك / لأنك لو جعلت كم مبتدأ وهي للزمان تعذّر أن يكون خبرها السّفر كما يتعذّر ذلك في : متى سفرك ، فيجب أن يقدّر السّفر ونحوه مبتدأ ، ويكون ما تقدّم ظرفا في موضع رفع على الخبر (١).
واعلم أنّ إعراب أسماء الاستفهام والشّرط نحو : من وما ، استفهاميتين وشرطيّتين مثل إعراب كم فإن كان بعدهما فعل متسلّط عليهما كان محلّهما النصب نحو : من ضربت ، ومن تضرب أضرب وإن كان قبلهما حرف جرّ أو اسم مضاف فمحلّهما الجرّ نحو : بمن مررت وبمن مررت أمرر ، وغلام من ضربت ، وغلام من تضرب أضربه ، فإن لم يكن بعدهما فعل ، شأنه ما ذكرناه ، ولا قبلهما مضاف ولا حرف جرّ فهما في محلّ الرفع بالابتداء ، نحو : من ضربته ، ومن تضربه ، أضربه وفي مميّزكم في مثل قول الفرزدق يهجو جريرا. (٢)
كم عمّة لك يا جرير وخالة |
|
فدعاء قد حلبت عليّ عشاري |
__________________
(١) شرح المفصل ، ٤ / ١٢٧ وشرح الأشموني ، ٨٣ ـ ٨٤.
(٢) وهو جرير بن عطيّة ، يكنّى أبا حرزه من فحول شعراء الإسلام ومن أشد الناس هجاء وتشبيها ، مدح الحجاج ، وعبد الملك بن مروان ، وكانت بينه وبين الفرزدق مهاجاة ونقائض مشهورة توفي ١١١ ه.
انظر ترجمته في طبقات فحول الشعراء ١ / ٢٩٧ ـ ٣٧٤ والشعر والشعراء ١ / ٣٧٤ ووفيات الأعيان ، ١ / ٣٢١ والبيت للفرزدق همام بن غالب ، ورد في ديوانه ، ٢ / ٤٥١ برواية : كم خالة وروي منسوبا له في الكتاب ، ٢ / ٧٢ ـ ١٦٢ وكتاب الحلل ، ١٧٩ وشرح المفصل ، ٤ / ١٣٣ وشرح الكافية ، ٢ / ١٠٠ ومغني اللبيب ، ١ / ١٨٥ وشرح التصريح ، ٢ / ٢٨٠ وخزانة الأدب ، ٦ / ٤٨٥ وروي البيت من غير نسبة في الكتاب ، ٢ / ١٦٦ والمقتضب ، ٣ / ٥٨ وهمع الهوامع ، ١ / ٢٥٤.
الفدعاء : المعوجّة الرّسغ من اليد أو الرجل ، والعشار : جمع عشراء وهي الناقة التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر.