فساغ لي الشّراب وكنت قبلا |
|
أكاد أغصّ بالماء الفرات |
فأعرب قبلا ، ونصبه على الظّرف ، لأنّ المضاف إليه غير مقدّر فيه ، وبنيت الظروف المقطوعة لافتقارها إلى المنويّ كافتقار الحرف إلى الغير ، وبنيت على الضم ، لأنّ ذلك لا يوهم إعرابا ، لأنّ الضمّ لا يدخلها مضافة ، ومثال الظروف المقطوعة المبنيّة على الضمّ ، فوق وتحت وقبل وبعد وما أشبهها من الظروف المبهمة نحو : أمام ووراء وخلف وأسفل وأول في قولك : ابدأ بهذا أوّل وتسمّى هذه الظروف الغايات ، لأنّها لمّا قطعت عن الإضافة جرت مجرى بعض الكلمة وصارت حدودا وغايات ينتهى إليها (١) وأجري مجراها / غير وحسب في قولك : لا غير وليس غير ، فلما قطع عن الإضافة غير وحسب بنيا على الضّمّ ، وإن لم يكونا ظرفين لكون المضاف إليه منويا فيهما ، فإن أضيفا أعربا.
ومن الظروف المبنيّة «حيث» وبنيت لافتقارها إلى جملة تبيّن معناها كافتقار الموصول إلى الصلة ، وبنيت على الضمّ تشبيها بقبل وبعد (٢) ، وقد جاء فيها الفتح والكسر (٣) وتستعار للزمان (٤) كقوله : (٥)
للفتى عقل يعيش به |
|
حيث تهدي ساقه قدمه |
أي مدّة حياته ، ولا تضاف إلّا إلى الجملة ، وشذّ إضافتها إلى المفرد ، نحو قول الشاعر : (٦)
__________________
(١) شرح المفصل ، ٤ / ٨٥ ـ ٨٦.
(٢) شرح الوافية ، ٣٠١.
(٣) الفتح في بني تميم من بني يربوع وطهية ، وبنو فقعس يخفضونها في موضع الخفض ، وينصبونها في موضع النصب ، واللغة العالية حيث بالضم. اللسان ، حيث ، والمفصل ، ١٦٩ وشرح المفصل ، ٤ / ٩١.
(٤) نسب ذلك إلى الأخفش ، الهمع ، ١ / ٢١٢.
(٥) البيت لطرفة بن العبد ورد في ديوانه ٨٦ وورد من غير نسبة في مجالس ثعلب القسم الأول ١٩٧ وشرح المفصل ، ٤ / ٩٢ وشرح الكافية ، ٢ / ١٠٨ والهمع ، ١ / ٢١٢.
(٦) الرجز لم يعرف قائله وبعده :
نجما يضيء كالشهاب لامعا
ورد في شرح المفصل ، ٤ / ٩٠ وشرح الكافية ، ٢ / ١٠٨ ولسان العرب ، «حيث» والمغني ، ١ / ١٣٣ وشرح شذور الذهب ، ١٣٠ وهمع الهوامع ، ١ / ٢١٢ وشرح شواهد المغني ، ١ / ٣٩٠ وشرح الأشموني ،