«وإن المكسورة الخفيفة تزاد بعد ما النافية لتأكيد النفي ويبطل عمل ما حينئذ كقول الشاعر :
فما إن طبّنا جبن ولكن |
|
منايانا ودولة آخرينا |
وكقول النابغة :
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه |
|
إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي |
وكقول امرىء القيس :
حلفت لها بالله حلفة فاجر |
|
لناموا فما إن من حديث ولا صالي (١) |
٨ ـ يعيّن أبو الفداء أحيانا موضع الشاهد في الأشعار التي يسوقها ويوضحه ، وأحيانا يعربه ويشرح غريبه من ذلك قوله عن جرير :
تعدون عقر النّيب أفضل مجدكم |
|
بني ضوطرى لو لا الكميّ المقنّعا |
«فنصب الكميّ بفعل مقدّر أي هلّا تعدّون الكميّ ، والضوطرى الضخم لا غناء عنده ومعنى البيت تفتخرون بعقر النيب ـ وهو جمع ناب وهي المسنّة من الإبل ـ وليس لكم في الشجاعة نصيب» (٢).
ومثل ذلك قوله على بيت لبيبد :
فأرسلها العراك ولم يذدها |
|
ولم يشفق على نغص الدّخال |
يصف حمار الوحش بأنه أرسل الأتن إلى الماء مزدحمة ، فالعراك وإن كان لفظه معرفة فمعناه التنكير أي معتركة ، وقال أبو علي الفارسي : تأويله تعترك العراك ، فتعترك المقدّر هو الحال والعراك منصوب على المصدر ، والعراك الزّحام» (٣).
٩ ـ تأثر أبو الفداء في عرضه ومناقشاته لبعض القضايا النحوية والصرفية بعلمي الكلام والمنطق ، من ذلك قوله حين عرض خلاف النحويين حول تعريف المخصوص بالمدح أو الذم : «وقيل تعريف الرجل في قولك : نعم الرجل ، هو تعريف الجنس لا
__________________
(١) الكناش ، ٢ / ١١٠.
(٢) المرجع السابق ، ٢ / ١١٥.
(٣) المرجع السابق ، ١ / ١٨٣.