الجموع نحو : رهط فإنّه ليس له مفرد (١) ويدخل نحو : رجال ، فإنه دال على آحاد بحروف مفرده ، وقوله بتغيير ما ، يعني أي تغيير فرضيّ ، ولو في التقدير كما سنذكر في فلك وهجان.
واعلم أنّ نحو : تمر وركب ليس بجمع على الأصحّ (٢) وأجاز الكوفيون في تمر ونحوه ، والأخفش في ركب ونحوه ، أن يكونا جمعين والصحيح الأوّل ، لأنّ وزن تمر وركب فعل ، وفعل ليس من أبنية الجموع ، ولأنّ تمرا اسم جنس ، كعسل وأسماء الأجناس ليست بجمع (٣) ، والفلك والهجان جمع عند جماعة (٤) ويقولون : إنّ ضمّة فلك في المفرد كضمّة قفل ، وضمّة فلك في الجمع كضمّة أسد وسقف ، وإنّ كسرة هجان في المفرد ككسرة كتاب وحمار ، وكسرة هجان في الجمع ككسرة رجال (٥) ، وهجان يقع على الواحد والجمع ، تقول : ناقة هجان ونوق هجان ، والهجان الإبل البيض.
واعلم أنّه قد اختلف في أقلّ الجمع فذهب الأكثرون إلى أنّه ثلاثة لأنّ لفظ التثنية مغاير للفظ الجمع ، فوجب أن يكون معنى التثنية مغايرا لمعنى الجمع ، فلا تصدق التثنية على أقل الجمع (٦) ، وذهب بعضهم إلى أنّ أقلّ الجمع اثنان لعود ضمير الجمع على الاثنين كقوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا)(٧) وأيضا فلاشتراك تثنية المتكلّم وجمعه في الضمير نحو : قمنا ، والجمع إمّا صحيح ؛ وهو ما
__________________
(١) بعدها في الأصل مشطوب عليه «ويخرج به نحو تمر وركب لأنّ آحادهما ليست مقصودة» وهي مذكورة بعد.
(٢) بعدها في الأصل مشطوب عليه «لأنها ليست مقصودة بحروف مفردها».
(٣) بعدها في شرح الوافية ، ٣١٨ «والراكب ليس بجمع وإن وافق الركب في حروفه الوجهين الأولين» ورد أبو حيان رأي الأخفش بأن العرب صغرتها على لفظها ولو كانت جموعا ردت في التصغير إلى مفرداتها ، ومما رد به على الكوفيين أيضا أن تمرا ونحوه لو كانت جموعا لم يجز وصفها بالمفرد وقد وصفت به في قوله تعالى : إليه يصعد الكلم الطيب فاطر ١٠ ، انظر همع الهوامع ، ٢ / ١٨٤ ـ ١٨٥.
(٤) ذهب أكثر النحويين إلى كون هذا الضرب جمعا ، وذهب بعضهم إلى أنّه من أسماء الجموع ، وذهب آخرون إلى كونه اسما مفردا يذكر ويؤنث. انظر همع الهوامع ، ٢ / ١٨٥.
(٥) شرح الوافية ، ٣١٨ ـ ٣١٩.
(٦) حاشية ياسين على مجيب النداء ، ١ / ١٠٩.
(٧) من الآية ٩ من سورة الحجرات.