بين النكرة والمفضّل نحو قولك : زيد أفضل رجل ، والزيدان أفضل رجلين ، والزيدون / أفضل رجال وهند كزيد ، كأنّ جنس العدد المفضّل عليه وهو الرجل في مثالنا هذا ، قد قسّم رجلا رجلا ورجلين رجلين ورجالا رجالا ، ثم فضّل ذلك على مطابقه (١).
واختيار ابن الحاجب أن المفضّل عليه في هذه الصور محذوف وهو الجنس العامّ (٢) ويكون التقدير في زيد أفضل رجل : زيد أفضل رجل من جميع الرّجال ، وفي الزيدون أفضل رجال ، الزيدون أفضل رجال من جميع الرجال.
واختيار ابن مالك (٣) أنّ المفضّل عليه مذكور ، وهو النكرة المضاف أفعل إليها والتقدير : زيد أفضل من كلّ رجل قيس فضله بفضله ، فحذفت من وكلّ وأضيف أفعل إلى ما كان مضافا إليه كل (٤).
واعلم أنّ إضافة أفعل التفضيل عند الأكثرين لا تفيد تعريفا في نحو قولك : أفضل القوم ، وهو اختيار أبي على الفارسي بل هي إضافة لفظيّة في تقدير الانفصال ، وقال بعضهم : إنّها تفيد التعريف كسائر المضافات إلى المعارف ، وهو اختيار البصريين فتكون إضافة معنويّة وقال بعضهم : ما أضيف والتقدير فيه معنى اللّام فهو معرفة ، وما أضيف والتقدير فيه معنى من فهو نكرة وهو مذهب الكوفيين (٥) والحقّ أنه إن أضيف إلى معموله نحو : ما رأيت رجلا أحسن الكحل في عينه من عين زيد ، فهي إضافة لفظيّة لا تفيد التعريف ، وإن لم يضف إلى معموله نحو : زيد أفضل القوم ، فهي إضافة معنويّة تفيد التعريف لأنّه من باب إضافة الصفة إلى غير معمولها نحو : مصارع مصر.
__________________
(١) شرح التصريح ، ٢ / ١٠٥.
(٢) شرح الوافية ، ٣٣٣ وفيه : «واستغني عن الجنس العام للعلم به» وانظر شرح التصريح ، ٢ / ١٠٥.
(٣) هو محمد بن عبد الله جمال الدين الطائي ، النحوي المشهور ، توفي سنة ٦٧٢ ه انظر ترجمته في البداية والنهاية ، ١٣ / ٢٦٧ والنجوم الزاهرة ، ٧ / ٢٤٣ والبغية ، ١ / ١٣٠.
(٤) تسهيل الفوائد ، ١٣٤ والنص في شرح التسهيل ، ٣ / ٦٢ (بتصرف يسير) وانظر همع الهوامع ، ٢ / ١٠٣.
(٥) قال ابن يعيش في شرح المفصل ، ٦ / ٩٧ : واعلم أنه متى أضيف أفعل على معنى من فهو نكرة عند بعضهم وعليه الكوفيون ، وإذا أضيف على معنى اللام فهو معرفة ، وفي قول البصريين المتقدمين أنه معرفة على كلّ حال إلّا إذا أضيف إلى نكرة ، والمتأخرون يجعلونه نكرة لأنّ المضاف إليه مرفوع في المعنى والأول القياس. وانظر همع الهوامع ، ٢ / ٤٨ إذ قال : «والأصح أنها محضة».