مكتبة مغنيسا ، فقد فرغ أبو الفداء منها عام ٧٢٨ ه. أي بعد الانتهاء من كناش النحو والصرف بعام واحد فقد انتهى منه عام ٧٢٧ ه. والمهم أن إطلاق لفظة «الكناش» كانت في هذا العام ، فلعل هذه القطع والأجزاء الطبية التي أطلق عليها الكناش هي من الكتب التي كان أبو الفداء سيجمعها في كناشه فيما بعد.
٤ ـ أن لدى أبي الفداء إحساسا بأنه لن يعيش أكثر من ستين سنة ، قال الكتبي : «ومن الغريب أن السلطان رحمهالله كان يقول ما أظن أني أستكمل من العمر ستين سنة فما في أهلي يعني بيت تقي الدين من استكمله» (١) وحقا لقد مات أبو الفداء وعمره ستون عاما فإذا كان أبو الفداء قد فرغ من كناش النحو والصرف عام ٧٢٧ ه وتوفي سنة ٧٣٢ ه ، فهل يعقل ـ ما دام لديه هذا الإحساس ـ أن يصرح بأنه عازم على تأليف سبعة كتب خلال خمس سنوات ، نعم يعقل إذا كانت هذه الكتب صغيرة الحجم ، ولا دليل على ذلك بل إن كبر حجم الكناش الذي نقوم بتحقيقه ، ما يدفع ذلك ، ثم يجب علينا أن لا ننسى أن أبا الفداء ملك على حماة ، وكثرة الصوارف والشواغل بشؤون الحكم لن تسمح له بتأليف مثل هذه الكتب خلال خمس سنوات ، زد على ذلك أنه فرغ من تأليف الكناش ٧٢٧ ه وفرغ من تأليف المختصر ٧٢٩ ه أي بعد سنتين من الكناش ، فإذا كان المختصر قد استغرق سنتين ، فكم ستستغرق بقية الكتب التي أشار إليها في خطبة الكناش ، كل ذلك يدفعنا إلى القول إنّ أبا الفداء كان عازما على ضم ما ألّف من كتب في هذا الكناش ، ولا أستبعد أن يكون المختصر واحدا منها لأنه قد انتهى منه كما ذكرنا ٧٢٩ ه ، أي بعد إطلاق أبي الفداء للفظة الكناش بسنتين ، كما أني لا أستبعد أيضا أن أبا الفداء كان عازما بعد جمع مؤلفاته ، في هذا الكناش أن يكتب مقدمة عامة لهذا الكناش غير أن المنيّة قد حالت دون هذه الخطبة ، ودون هذا الجمع ، فبقيت هذه الكتب تحمل عناوينها ومقدماتها الخاصة بها مستقلة منفردة عما كان متوقعا لها ..
والسؤال الذي يتردّد في الذهن هو لم عزف النحويون الخالفون عن النقل من كناش أبي الفداء (النحو والصرف) أو الإشارة إليه مع كونه يتعلق بمتون مهمّة كثرت