مقدر بدليل ظهور ذلك الحرف في يس. ولم يعز هذا القول إلى أحد ، وعلق على هذه «الرسالة» تلميذه شيخ الإسلام محمد معاوية «تعليقة» أكثر فيها من التعداد ، وليست مما ينثلج لمباحثه الفؤاد (وهي وأصلها موجودة بخزنة جامع الزيتونة بتونس عدد ٥١٤) ويردّ هذا القول التزام حذف حرف النداء وما قاله من ظهروه في يس مبني على قول من قال : إن يس بمعنى يا سيد وهو ضعيف ؛ لأن الياء فيه حرف من حروف الهجاء لأن الشيخ نفسه عد يس بعد ذلك من الحروف الدالة على الأسماء مدلولا لنحو الياء من (كهيعص) [مريم : ١].
القول السادس أنها رموز لمدة دوام هذه الأمة بحساب الجمّل (١) قاله أبو العالية أخذا بقصة رواها ابن إسحاق عن جابر بن عبد الله بن وثاب قال : «جاء أبو ياسر بن أخطب وحيي بن أخطب وكعب بن الأشرف فسألوا رسول الله عن الم وقالوا هذا أجل هذه الأمة من السنين إحدى وسبعون سنة فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال لهم ص والمر فقالوا اشتبه علينا الأمر فلا ندري أبا لقليل نأخذ أم بالكثير؟» ا ه. وليس في جواب رسول الله إياهم بعدة حروف أخرى من هذه الحروف المتقطعة في أوائل السور تقرير لاعتبارها رموزا لأعداد مدة هذه الأمة ، وإنما أراد إبطال ما فهموه بإبطال أن يكون مفيدا لزعمهم على نحو الطريقة المسماة بالنقض في الجدل ومرجعها إلى المنع والمانع لا مذهب له. وأما ضحكه صلىاللهعليهوسلم فهو تعجب من جهلهم.
القول السابع أنها رموز كل حرف رمز إلى كلمة فنحو : (الم) أنا الله أعلم ، و (المر) أنا الله أرى ، و (المص) أنا الله أعلم وأفصل. رواه أبو الضحى عن ابن عباس ، ويوهنه أنه لا ضابط له لأنه أخذ مرة بمقابلة الحرف بحرف أول الكلمة ، ومرة بمقابلته بحرف وسط الكلمة أو آخرها. ونظروه بأن العرب قد تتكلم بالحروف المقطعة بدلا من كلمات تتألف من تلك الحروف نظما ونثرا ، من ذلك قول زهير :
بالخير خيرات وإن شرّ فا |
|
ولا أريد الشر إلا أن تا |
__________________
(١) حساب الجمل بضم الجيم وتشديد الميم المفتوحة هو جعل أعداد لكل حرف من حروف المعجم من آحاد وعشرات ومئات وألف واحد ، فإذا أريد خط رقم حسابي وضع الحرف عوضا عن الرقم وقد كان هذا الاصطلاح قديما ووسمت به عدة أناشيد من كتاب داود واشتهر ترقيم التاريخ به عند الرومان ولعله نقل إلى العرب منهم أو من اليهود.