أراد منازلها. ووقع («طراز المجالس» ـ المجلس) (١) للمتأخرين من هذا كثير مع التورية كقول ابن مكانس :
لم أنس بدرا زارني ليلة |
|
مستوفزا مطلعا للخطر |
فلم يقم إلا بمقدار ما |
|
قلت له أهلا وسهلا ومر |
أراد بعض كلمة مرحبا وقد أكثرت من شواهده توسعة في مواقع هذا الاستعمال الغريب ولست أريد بذلك تصحيح حمل حروف فواتح السور على ذلك لأنه لا يحسن تخريج القرآن عليه وليس معها ما يشير إليه مع التورية بجعل مرّ من المرور.
القول الثامن أنها إشارات إلى أحوال من تزكية القلب ، وجعلها في «الفتوحات» في الباب الثاني إيماء إلى شعب الإيمان ، وحاصله أن جملة الحروف الواقعة في أوائل سور القرآن على تكرار الحروف ثمانية وسبعون حرفا والثمانية هنا هي حقيقة البضع حصل له ذلك بالكشف فيكون عدد الحروف ثمانية وسبعين وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «الإيمان بضع وسبعون شعبة» فهذه الحروف هي شعب الإيمان ، ولا يكمل لأحد أسرار الإيمان حتى يعلم حقائق هذه الحروف في سورها. وكيف يزعم زاعم أنها واردة في معان غير معروفة مع ثبوت تلقي السامعين لها بالتسليم من مؤمن ومعاند ، ولو لا أنهم فهموا منها معنى معروفا دلت عليه القرائن لسأل السائلون وتورك المعاندون.
قال القاضي أبو بكر بن العربي : لو لا أن العرب كانوا يعرفون لها مدلولا متداولا بينهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي صلىاللهعليهوسلم بل تلا عليهم حم فصلت وص وغيرهما فلم ينكروا ذلك مع تشوفهم إلى عثرة وحرصهم على زلة قلت وقد سألوا عن أوضح من هذا فقالوا (وَمَا الرَّحْمنُ) [الفرقان : ٦٠] ، وأما ما استشهدوا به من بيت زهير وغيره فهو من نوادر كلام العرب ، ومما أخرج مخرج الألغاز والتمليح وذلك لا يناسب مقام الكتاب المجيد.
النوع الثاني يجمع الأقوال الراجعة إلى أن هاته الحروف وضعت بتلك الهيئات أسماء أو أفعالا وفيه من الأقوال أربعة.
التاسع في عداد الأقوال في أولها لجماعة من العلماء والمتكلمين واختاره الفخر
__________________
(١) نسبه إليه المبرد في «الكامل» ص ٢٤٥. وسيبويه في «كتابه» ص ٥٧ جزء ٢ وتبعهما المفسرون.