عمرو بن عوف في المنافقين وهذا باطل لأن حضوره بدرا يبطل هذا الظن بلا شك ولكنه ظهر منه يوم أحد ما يدل على ضعف إيمانه فلمزوه بالنفاق فإنه القائل يوم أحد : (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا) [آل عمران : ١٥٤] ، رواه عنه الزبير بن العوام قال ابن عطية كان مغموصا بالنفاق. ومن المنافقين أبو عفك أحد بني عمرو بن عوف ظهر نفاقه حين قتل رسول الله الحارث بن سويد بن صامت وقال شعرا يعرض بالنبيء صلىاللهعليهوسلم وقد أمر رسول الله بقتل أبي عفك فقتله سالم بن عمير ، ومن المنافقات عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد نافقت لما قتل أبو عفك وقالت شعرا تعرض بالنبي قتلها عمير بن عدي الخطمي وقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا ينتطح فيها عنزان» ، ومن المنافقين بشير بن أبيرق كان منافقا يهجو أصحاب رسول الله وشهد أحدا ومنهم ثعلبة بن حاطب وهو قد أسلم وعد من أهل بدر ، ومنهم بشر المنافق كان من الأنصار وهو الذي خاصم يهوديا فدعا اليهوديّ بشرا إلى حكم النبي فامتنع بشر وطلب المحاكمة إلى كعب بن الأشرف وهذا هو الذي قتله عمر وقصته في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) في سورة النساء [٦٠]. وعن ابن عباس أن المنافقين على عهد رسول الله كانوا ثلاثمائة من الرجال ومائة وسبعين من النساء ، فأما المنافقون من الأوس والخزرج فالذي سن لهم النفاق وجمعهم عليه هو عبد الله بن أبى حسدا وحنقا على الإسلام لأنه قد كان أهل يثرب بعد أن انقضت حروب بعاث بينهم وهلك جل ساداتهم فيها قد اصطلحوا على أن يجعلوه ملكا عليهم ويعصبوه بالعصابة. قال سعد بن عبادة للنبي صلىاللهعليهوسلم في حديث البخاري : «اعف عنه يا رسول الله واصفح فو الله لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يعصبوه بالعصابة فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرق بذلك» ا ه.
وأما اليهود فلأنهم أهل مكر بكل دين يظهر ولأنهم خافوا زوال شوكتهم الحالية من جهات الحجاز ، وأما الأعراب فهم تبع لهؤلاء ولذلك جاء : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) [الأعراف : ٩٧] الآية ، لأنهم يقلدون عن غير بصيرة وكل من جاء بعدهم على مثل صفاتهم فهو لا حق بهم فيما نعى الله عليهم وهذا معنى قول سلمان الفارسي في تفسير هذه الآية : «لم يجيء هؤلاء بعد» قال ابن عطية معنى قوله أنهم لم ينقرضوا بل يجيئون من كل زمان ا ه ، يعني أن سلمان لا ينكر ثبوت هذا الوصف لطائفة في زمن النبوة ولكن لا يرى المقصد من الآية حصر المذمة فيهم بل وفي الذين يجيئون من بعدهم.
وقوله : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) جيء في نفي قولهم بالجملة الاسمية ولم يجيء على