وقال :
بل ما تذكّر من نوار وقد نأت |
|
وتقطّعت أسبابها ورمامها |
وقال :
فاقطع لبانة من تعرّض وصله |
|
فلشرّ واصل خلّة صرّامها |
ووجه اختيار استعارة النقض الذي هو حل طيّات الحبل إلى إبطال العهد أنها تمثيل لإبطال العهد رويدا رويدا وفي أزمنة متكررة ومعالجة. والنقض أبلغ في الدلالة على الإبطال من القطع والصرم ونحوهما لأن في النقض إفسادا لهيئة الحبل وزوال رجاء عودها وأما القطع فهو تجزئة.
وفي النقض رمز إلى استعارة مكنية لأن النقض من روادف الحبل فاجتمع هنا استعارتان مكنية وتصريحية وهذه الأخيرة تمثيلية وقد تقرر في علم البيان أن ما يرمز به للمشبه به المطروح في المكنية قد يكون مستعملا في معنى حقيقي على طريقة التخييل وذلك حيث لا يكون للمشبه المذكور في صورة المكنية رديف يمكن تشبيهه برديف المشبه به المطروح مثل إثبات الأظفار للمنية في قولهم أظفار المنية وإثبات المخالب والناب للكماة في قول أبي فراس الحمداني :
فلما اشتدت الهيجاء كنّا |
|
أشدّ مخالبا وأحدّ نابا |
وإثبات اليد للشمال في قول لبيد :
وغداة ريح قد كشفت وقرّة |
|
إذ أصبحت بيد الشّمال زمامها |
وقد يكون مستعملا في معنى مجازي إذا كان للمشبه في المكنية رديف يمكن تشبيهه برديف المشبه به المضمر نحو (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) ، وقد زدنا أنها تمثيلية أيضا والبليغ لا يفلت هاته الاستعارة مهما تأت له ولا يتكلف لها مهما عسرت فليس الجواز المذكور في قرينة المكنية إلا جوازا في الجملة أي بالنظر إلى اختلاف الأحوال.
وهذا الذي هو من روادف المشبه به في صورة المكنية وغيرها قد يقطع عن الربط بالمكنية فيكون استعارة مستقلة (وذلك حيث لا تذكر معه لفظا يراد تشبيهه بمشبه به مضمر) نحو أن تقول فلان ينقض ما أبرم. وقد يربط بالمكنية وذلك حيث يذكر معه شيء أريد تشبيهه بمشبه به مضمر كما في الآية حيث ذكر النقض مع العهد. وقد يربط بمصرحة وذلك حيث يذكر مع لفظ المشبه به الذي الرادف من توابعه نحو قوله : «إن بيننا وبين