تَتْبِيبٍ) [هود : ١٠١] فأسند لآلهتهم زيادة تتبيبهم ، وليس هو من فعل الآلهة ولكنه من آثار الاعتقاد بالآلهة.
الثاني : تهذيب الأخلاق قال تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم : ٤] وفسرت عائشة رضي الله تعالى عنها لما سئلت عن خلقه صلىاللهعليهوسلم فقالت : كان خلقه القرآن. وفي الحديث الذي رواه مالك في «الموطأ» بلاغا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «بعثت لأتمم مكارم حسن الأخلاق» وهذا المقصد قد فهمه عامة العرب بله خاصة الصحابة ، وقال أبو خراش الهذلي مشيرا إلى ما دخل على العرب من أحكام الإسلام بأحسن تعبير :
فليس كعهد الدار يا أمّ مالك |
|
ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل |
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل |
|
سوى العدل شيئا فاستراح العواذل |
أراد بإحاطة السلاسل بالرقاب أحكام الإسلام ، والشاهد في قوله وعاد الفتى كالكهل.
الثالث : التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة. قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) [النساء : ١٠٥] (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) [المائدة : ٤٨] ولقد جمع القرآن جميع الأحكام جمعا كليا في الغالب ، وجزئيا في المهم ، فقوله (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) [النحل : ٨٩] ، وقوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] المراد بهما! إكمال الكليات التي منها الأمر بالاستنباط والقياس. قال الشاطبي لأنه على اختصاره جامع والشريعة تمت بتمامه ولا يكون جامعا لتمام الدين إلا والمجموع فيه أمور كلية.
الرابع : سياسة الأمة وهو باب عظيم في القرآن القصد منه صلاح الأمة وحفظ نظامها كالإرشاد إلى تكوين الجامعة بقوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) [آل عمران : ١٠٣] وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) [الأنعام : ١٥٩] وقوله : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال : ٤٦] وقوله : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) [الشورى : ٣٨].
الخامس : القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم قال : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) [يوسف :