خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) [المؤمنون : ٧٢]. على أنه يجوز أن تكون إحدى القراءات نشأت عن ترخيص النبي صلىاللهعليهوسلم للقارئ أن يقرأ بالمرادف تيسيرا على الناس كما يشعر به حديث تنازع عمر مع هشام بن حكيم ، فتروى تلك القراءة للخلف فيكون تمييز غيرها بسبب أن المتميزة هي البالغة البلاغة وأن الأخرى توسعة ورخصة ، ولا يعكر ذلك على كونها أيضا بالغة الطرف الأعلى من البلاغة وهو ما يقرب من حد الإعجاز. وأما الإعجاز فلا يلزم أن يتحقق في كل آية من آي القرآن لأن التحدي إنما وقع بسورة مثل سور القرآن ، وأقصر سورة ثلاث آيات فكل مقدار ينتظم من ثلاث آيات من القرآن يجب أن يكون مجموعه معجزا. تنبيه : أنا أقتصر في هذا التفسير على التعرض لاختلاف القراءات العشر المشهورة خاصة في أشهر روايات الراوين عن أصحابها لأنها متواترة ، وإن كانت القراءات السبع قد امتازت على بقية القراءات بالشهرة بين المسلمين في أقطار الإسلام. وأبني أول التفسير على قراءة نافع برواية عيسى ابن مينا المدني الملقب بقالون لأنها القراءة المدنية إماما وراويا ولأنها التي يقرأ بها معظم أهل تونس. ثم أذكر خلاف بقية القراء العشرة خاصة. والقراءات التي يقرأ بها اليوم في بلاد الإسلام من هذه القراءات العشر ، هي قراءة نافع برواية قالون في بعض القطر التونسي وبعض القطر المصري وفي ليبيا ، وبرواية ورش في بعض القطر التونسي وبعض القطر المصري وفي جميع القطر الجزائري وجميع المغرب الأقصى ، وما يتبعه من البلاد والسودان. وقراءة عاصم برواية حفص عنه في جميع الشرق من العراق والشام وغالب البلاد المصرية والهند وباكستان وتركيا والأفغان. وبلغني أن قراءة أبي عمرو البصري يقرأ بها في السودان المجاور مصر.